للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ (١) فِي كِتَابِ الْعَوَاصِمِ (٢): (خَرَجْتُ مِنْ بِلَادِي عَلَى الْفِطْرَةِ (٣)، فَلَمْ أَلْقَ فِي طريقي إلا مهتدياً، حتى بَلَغْتُ هَذِهِ الطَّائِفَةَ ـ يَعْنِي (٤) الْإِمَامِيَّةَ وَالْبَاطِنِيَّةَ (٥) مِنْ فرق الشيعة ـ فهي أول بدعة لقيت، فلو (٦) فجأتني بدعة مشتبهة (٧) كَالْقَوْلِ بِالْمَخْلُوقِ (٨)، أَوْ نَفْيِ الصِّفَاتِ (٩)، أَوِ الْإِرْجَاءِ (١٠) لم آمن الشيطان. فَلَمَّا رَأَيْتُ حَمَاقَاتِهِمْ أَقَمْتُ عَلَى حَذَرٍ، وَتَرَدَّدْتُ فِيهَا (١١) عَلَى أَقْوَامٍ أَهْلِ عَقَائِدَ سَلِيمَةٍ، وَلَبِثْتُ بَيْنَهُمْ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ (١٢)، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الشَّامِ فَوَرَدْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَأَلْفَيْتُ فِيهَا (١٣) ثَمَانِيَ وَعِشْرِينَ حلقة ومدرستين، مدرسة للشافعية (١٤) بباب الأسباط وأخرى للحنفية، وكان


=فلديهم من العقائد الضالة ما لا يقبله دين الإسلام بحال من الأحوال، كغلوهم في أئمتهم إلي أن أوصلوهم درجة الألوهية، وادعاؤهم تحريف القرآن، وبغضهم للصحابة ولعنهم لهم ـ رضى الله عن الضحابة ـ وعلى الشيعة من الله ما يستحقون.
(١) تقدمت ترجمته رحمه الله (ص٢٥٠).
(٢) كتاب العواصم من القواصم من كتب الإمام ابن العربي، ذكر فيه ما حل بالمسلمين من المصائب، وما يعصم الله به المسلمين، وذكر فيه مواقف الصحابة رضي الله عنهم وما وجهه إليهم الأعداء من التهم، فرد عليهم وذب عن الصحابة، وقد ألفه سنة ٥٣٦هـ، وقد نشره شيخ النهضة الجزائرية عبد الحميد بن باديس في جزئين، معتمداً على نسخة واحدة، ثم نشر الشيخ محب الدين الخطيب ما يتعلق بالصحابة منه، ثم نشره كاملاً، مقارناً على أربع نسخ الأستاذ عمار الطالبي.
(٣) مشطوبة في أصل (م)، ومثبتة في هامشها، وفي (ت): "الفرطة".
(٤) قوله: "يعني الإمامية والباطنية من فرق الشيعة" من كلام المؤلف، وليس من كلام ابن العربي في العواصم، وذلك لأن ابن العربي قد استفتح كلامه بكلام حول مذهبهم، وكذلك قوله: "فهي أول بدعة لقيت" ليست في العواصم.
(٥) تقدم التعريف بالباطنية (ص٢٨).
(٦) في (ط): "ولو".
(٧) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "مشبهة".
(٨) لعله يريد القول بخلق القرآن، وهو قول الجهمية ومن تبعهم من المعتزلة والأشاعرة.
(٩) وهو قول المعتزلة ومن تبعهم أيضاً كما مر في التعريف بهم (ص٢٩).
(١٠) تقدم الكلام على المرجئة (ص٢٧).
(١١) أي في هذه الأرض، لأنه قد حذف بعض الكلام لابن العربي يدل على ما ذكرت.
(١٢) حذف هنا من كلام ابن العربي ما يقارب أربعة أسطر، ذكر فيها ما رأى من الضلالات.
(١٣) في كتاب العواصم: "فيه".
(١٤) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "الشافعية".