للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَ هُنَاكَ (١) مُنْتَصِبُونَ، فَتَرَكَهُمْ هَذَا الْمُقَلِّدُ، وَقَلَّدَ غَيْرَهُمْ فَهُوَ آثِمٌ، إِذْ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى مَنْ أُمِرَ بِالرُّجُوعِ إِلَيْهِ، بَلْ تَرَكَهُ وَرَضِيَ لِنَفْسِهِ بِأَخْسَرِ (٢) الصَّفْقَتَيْنِ، فَهُوَ غَيْرُ مَعْذُورٍ، إِذْ قلد دِينِهِ (٣) مَنْ لَيْسَ بِعَارِفٍ بِالدِّينِ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ (٤)، فَعَمِلَ بِالْبِدْعَةِ (وَهُوَ يَظُنُّ) (٥) أَنَّهُ عَلَى الصِّرَاطِ (٦) الْمُسْتَقِيمِ.

وَهَذَا (٧) حَالُ مَنْ بُعِثَ فِيهِمْ (رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ) (٨) عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُمْ تركوا دينه (٩) الْحَقَّ، وَرَجَعُوا إِلَى بَاطِلِ (آبَائِهِمْ، وَلَمْ يَنْظُرُوا) (١٠) نظر المستبصر حتى يُفَرِّقُوا (١١) بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ، وَغَطَّى الْهَوَى عَلَى عُقُولِهِمْ دُونَ (١٢) أَنْ يُبْصِرُوا الطَّرِيقَ، فَكَذَلِكَ أَهْلُ هَذَا النوع.

وقل ما تَجِدُ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ إِلَّا وَهُوَ يُوَالِي فِيمَا ارْتَكَبَ وَيُعَادِي بِمُجَرَّدِ التَّقْلِيدِ.

خَرَّجَ الْبَغْوِيُّ (في معجمه) (١٣) عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ الْكِنَانِيِّ (١٤) أَنَّ رَجُلًا وُلِدَ لَهُ غُلَامٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ، وَأَخَذَ بِجَبْهَتِهِ فَنَبَتَتْ شَعْرَةٌ بِجَبْهَتِهِ (١٥) كَأَنَّهَا هُلْبَةُ (١٦) فَرَسٍ، قَالَ فَشَبَّ الْغُلَامُ، فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ الْخَوَارِجِ أجابهم فسقطت الشعرة عن جبهته، فأخذه


(١) في (م) و (غ) و (ر): "هنالك".
(٢) في (م) و (غ) و (ر): "بأخس".
(٣) في (خ) و (ط): "في دينه".
(٤) في (ت): "الظر".
(٥) ما بين المعكوفين بياض في (ت).
(٦) في (م): "الطريق".
(٧) في (غ) و (ر): "وهذه".
(٨) ما بين المعكوفين ساقط من (ت).
(٩) في (خ) و (ط): "دينهم".
(١٠) ما بين المعكوفين بياض في (ت).
(١١) في (ط): "حتى لم يفرقوا".
(١٢) بياض في (ت).
(١٣) ساقطة من (خ) و (ت) و (ط).
(١٤) وقع جزء من الكلمة في البياض في نسخة (ت).
(١٥) في (غ): "في جبهته".
(١٦) في (خ) و (ت) و (ط): "سلفة"، وفي (م): "هلبة"، وفي هامشها الهلب بالضم الشعر كله أو ما غلظ منه. وقال في النهاية عن هلبات الفرس: "أي شعرات، أو خصلات من الشعر، واحدتها هلبة، والهلب الشعر. وقيل هو ما غلظ من شعر الذنب وغيره". النهاية في غريب الحديث (٥/ ٢٦٩).