للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقلت له: فأنا (١) رأيتك (٢) تُصَلِّيهَا فِي جَمَاعَةٍ، قَالَ: "نَعَمْ! وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ منها" (٣).

وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ مِنْ جِهَةِ الدَّعْوَةِ إِلَيْهَا وَعَدَمِهَا (٤)، فَظَاهَرٌ أَيْضًا، لِأَنَّ غَيْرَ الدَّاعِي، وَإِنْ كَانَ عرضه للاقتداء (٥)، فَقَدْ لَا يُقْتَدَى بِهِ، وَيَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي تَوَفُّرِ دَوَاعِيهِمْ (٦) عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ، إِذْ قَدْ يَكُونُ خَامِلَ الذِّكْرِ، وَقَدْ يَكُونُ مُشْتَهِرًا وَلَا يُقْتَدَى بِهِ لِشُهْرَةِ مَنْ هُوَ أَعْظَمُ عِنْدَ الناس منزلة منه.

وأما (٧) الداعي (٨) إذا دعى إليها فمظنة الاقتداء أحرى (٩) وَأَظْهَرُ، وَلَا سِيَّمَا (١٠) الْمُبْتَدَعِ اللَّسِنِ (١١) الْفَصِيحِ الْآخِذِ بِمَجَامِعِ الْقُلُوبِ، إِذَا أَخَذَ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ، وَأَدْلَى بِشُبْهَتِهِ (١٢) الَّتِي تُدَاخِلُ الْقَلْبَ بِزُخْرُفِهَا (١٣)، كَمَا كَانَ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ (١٤) يَدْعُو النَّاسَ إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْقَدَرِ، وَيَلْوِي بِلِسَانِهِ نسبته إلى الحسن البصري (١٥).


(١) مثبتة في (غ) وساقطة من بقية النسخ.
(٢) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "فرأيتك".
(٣) ذكره الطرطوشي في الحوادث والبدع (ص٢٦٦).
(٤) في (م) و (ت): "وعدمه".
(٥) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "بالاقتداء".
(٦) في (م): "تداعيهم".
(٧) في (م) و (غ): "فأما".
(٨) ساقطة من (م) و (ت)، و (غ).
(٩) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "أقوى".
(١٠) في (م) و (ت): "يسمى"، وهي ساقطة من (غ).
(١١) ساقطة من (غ).
(١٢) في (غ): "بشبهه".
(١٣) في (م): "يزخرفها".
(١٤) هو المبتدع القدري معبد بن خالد الجهني، ويقال إنه ابن عبد الله بن عكيم. وهو أول من أظهر القدر بالبصرة في زمن الصحابة، وقد أخذ بدعته عن رجل نصراني يقال له سوسن، وقد أخذ عنه غيلان الدمشقي، وقتل معبد صلبا في زمن عبد الملك بن مروان سنة ٨٠هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (٤/ ١٨٥)، الكاشف للذهبي (٣/ ١٤٢)، تقريب التهذيب (٢/ ٢٦٢).
(١٥) الذي يظهر أن المراد "عمرو بن عبيد"، وليس "معبد الجهني"، لأن عمرو بن عبيد هو الذي أخذ عن الحسن، وهو الذي كان يكذب عليه، ويدل على أنه المراد القصة التي سيوردها المؤلف عنه.