للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَغَيْرَهُ، مِنْهُمْ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَمُعَاوِيَةُ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَغَيْرُهُمْ (١).

وَأَيْضًا فَإِنَّ الْكِتَابَةَ مِنْ قَبِيلِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ إِذَا تَعَيَّنَ لِضَعْفِ الْحِفْظِ، وَخَوْفِ انْدِرَاسِ الْعِلْمِ، كَمَا خِيفَ (على القرآن فِي زَمَانِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فدليل كَتْب العلم إذا خيف) (٢) دروسه عتيد (٣). وَهُوَ الَّذِي نَبَّهَ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ فِيمَا تَقَدَّمَ (٤) وَإِنَّمَا كَرِهَ (٥) الْمُتَقَدِّمُونَ كَتْبَ الْعِلْمِ لِأَمْرٍ آخَرَ (٦)، لَا لِكَوْنِهِ بِدْعَةً، فَكُلُّ مِنْ سَمَّى كَتْبَ الْعِلْمِ بِدْعَةً فَإِمَّا مُتَجَوِّزٌ، وَإِمَّا غَيْرُ عَارِفٍ بوضع (٧) لَفْظِ الْبِدْعَةِ. فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ على صحة العمل بالبدع.

وإن تعلق بِمَا وَرَدَ مِنَ الْخِلَافِ فِي الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ، وَأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَيْهَا غَيْرُ (٨) صَحِيحٍ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ (٩)، (فَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ) (١٠) إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى الْمُصْحَفِ وَالرُّجُوعِ إِلَيْهِ، وَإِذَا ثَبَتَ اعْتِبَارُهَا (١١) فِي صُورَةٍ ثَبَتَ اعْتِبَارُهَا مُطْلَقًا، وَلَا يَبْقَى بَيْنَ الْمُخْتَلِفِينَ نِزَاعٌ إِلَّا فِي الْفُرُوعِ.

وَفِي الصَّحِيحِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ" (١٢)، فَأَعْطَى الْحَدِيثُ ـ كَمَا تَرَى ـ أَنَّ مَا سَنَّهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ


(١) وممن ذكر كتَّابه صلّى الله عليه وسلّم الإمام ابن القيم في زاد المعاد (١/ ١١٧)، والتنبيه والإشراف للمسعودي (٢٤٥ ـ ٢٤٦).
(٢) ما بين المعكوفين ساقط من (م) و (خ) و (ت) و (ط).
(٣) في (خ) و (ط): "حينئذ"، وعتيد يعني: حاضر.
(٤) تقدم (ص٣٣٧).
(٥) في (ت): "ذكر".
(٦) تقدم سبب كراهتهم لذلك (ص٣٣٦).
(٧) في (م) و (ت): "بموضع"، وغير واضحة في (غ).
(٨) ساقطة من (م) و (ت).
(٩) سيتكلم المؤلف عن هذه المسألة في بداية الباب الثامن (٢/ ١١١ ـ ١١٢).
(١٠) ساقط من (غ).
(١١) في (غ): "اعتبار".
(١٢) تقدم تخريج الحديث (ص٦٦).