للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالشَّرَائِعِ إِذَا (١) خِيفَ عَلَيْهَا الضَّيَاعُ، فَإِنَّ (٢) التَّبْلِيغَ لِمَنْ بَعْدَنَا مِنَ الْقُرُونِ وَاجِبٌ إِجْمَاعًا وَإِهْمَالُ ذَلِكَ حَرَامٌ إِجْمَاعًا، فَمِثْلُ هَذَا النَّوْعِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي وُجُوبِهِ.

الْقِسْمُ الثَّانِي: الْمُحَرَّمُ، وَهُوَ كُلُّ بِدْعَةٍ تَنَاوَلَتْهَا قَوَاعِدُ التَّحْرِيمِ وَأَدِلَّتُهُ مِنَ الشَّرِيعَةِ، كَالْمُكُوسِ، وَالْمُحْدَثَاتِ مِنَ الْمَظَالِمِ، وَالْمُحْدَثَاتِ الْمُنَافِيَةِ لِقَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ، كَتَقْدِيمِ الْجُهَّالِ عَلَى الْعُلَمَاءِ، وَتَوْلِيَةِ الْمَنَاصِبِ الشَّرْعِيَّةِ مَنْ لَا يَصْلُحُ لها (٣) بِطَرِيقِ (٤) التَّوْرِيثِ، وَجَعْلِ الْمُسْتَنَدِ فِي ذَلِكَ كَوْنَ الْمَنْصِبِ كَانَ لِأَبِيهِ، وَهُوَ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ بأهل.

القسم الثالث من (٥) البدع مَنْدُوبٌ (٦) إِلَيْهِ، وَهُوَ مَا تَنَاوَلَتْهُ قَوَاعِدُ النَّدْبِ وأدلته، كصلاة التراويح، وإقامة صُوَرِ الْأَئِمَّةِ وَالْقُضَاةِ وَوُلَاةِ الْأُمُورِ (٧) عَلَى خِلَافِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِسَبَبِ أَنَّ الْمَصَالِحَ وَالْمَقَاصِدَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِعَظَمَةِ الْوُلَاةِ فِي نُفُوسِ النَّاسِ، وَكَانَ الناس في زمان (٨) الصحابة رضوان الله عليهم مُعْظَمُ تَعْظِيمِهِمْ إِنَّمَا هُوَ بِالدِّينِ وَسَبْقِ الْهِجْرَةِ، ثم اختل النظام، وذهب ذلك القرن، وحدث قَرْنٌ آخَرُ لَا يُعَظِّمُونَ إِلَّا بِالصُّوَرِ، فَتَعَيَّنَ تَفْخِيمُ الصُّوَرِ حَتَّى تَحْصُلَ الْمَصَالِحُ.

وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَأْكُلُ خُبْزَ الشَّعِيرِ وَالْمِلْحِ، وَيَفْرِضُ لِعَامِلِهِ نِصْفَ شَاةٍ في (٩) كُلَّ يَوْمٍ، لِعِلْمِهِ بِأَنَّ الْحَالَةَ الَّتِي هُوَ عليها لَوْ عَمِلَهَا (١٠) غَيْرُهُ لَهَانَ فِي نُفُوسِ النَّاسِ، ولم يحترموه، وتجاسروا عليه


(١) في (خ) و (ت) و (ط): "إذ".
(٢) في (خ) و (ت) و (ط): "وإن".
(٣) زيادة في (م).
(٤) في (غ): "بطريقة".
(٥) في (خ) و (ط): "أن من"، والمثبت هو الموافق لما في الفروق.
(٦) في (خ) و (ط) وهامش (ت): "ما هو مندوب إليه .. ".
(٧) المراد تحسين مظاهرهم من ملبس ومطعم ومسكن ونحوه، كما سيتبين ذلك فيما يأتي.
(٨) في (خ) و (ط): "زمن".
(٩) ساقطة من (خ) و (ط) و (ر).
(١٠) في (خ): "علمها".