للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التسبيح عقب (١) الفريضة ثلاثاً وثلاثين، فتفعل مئة، وَوَرَدَ (٢) صَاعٌ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، فَيَجْعَلُ عَشَرَةَ أَصْوُعٍ (٣)، بِسَبَبِ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِيهَا إِظْهَارُ الِاسْتِظْهَارِ عَلَى الشَّارِعِ، وَقِلَّةُ أَدَبٍ مَعَهُ، بَلْ شَأْنُ الْعُظَمَاءِ إِذَا حَدَّدُوا شَيْئًا وُقِفَ عِنْدَهُ، وَعُدَّ الْخُرُوجُ عَنْهُ قِلَّةَ أَدَبٍ.

وَالزِّيَادَةُ فِي الْوَاجِبِ أَوْ عَلَيْهِ أَشَدُّ فِي الْمَنْعِ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْأَصْلُ وَالْمَزِيدُ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ نَهَى مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عنه عن إيصال صيام (٤) سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ، لِئَلَّا يُعْتَقَدَ أَنَّهَا من رمضان (٥).

وخرج أبو داود في (سننه) (٦) أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى الْفَرْضَ، وَقَامَ (٧) لِيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ (بْنُ الْخَطَّابِ) (٨): (اجلس حتى تفصل بين فرضك ونفلك، فبهذا (٩) هلك مَنْ قَبْلَنَا)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَصَابَ اللَّهُ بِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ" (١٠)، يُرِيدُ عُمَرَ إِنَّ مَنْ قَبْلَنَا وَصَلُوُا النَّوَافِلَ بِالْفَرَائِضِ وَاعْتَقَدُوا الْجَمِيعَ وَاجِبًا، وَذَلِكَ تَغْيِيرٌ لِلشَّرَائِعِ، وَهُوَ حَرَامٌ إِجْمَاعًا.

الْقِسْمُ الْخَامِسُ: الْبِدَعُ المباحة، وهي ما تناولته أدلة الإباحة


(١) في (ت) و (غ) و (ر): "عقيب".
(٢) في (م) و (ت) و (غ) و (ر): "وورود".
(٣) في (خ) و (ت) و (ط): "أصواع". والمثبت ذكره الجوهري في الصحاح في جمع صاع (٣/ ١٢٤٧).
(٤) ساقطة من (خ) و (ط).
(٥) قال الإمام ابن رشد بعدما ذكر أن صيام الست من شوال مندوب: "إلا أن مالكاً كره ذلك، إما مخافة أن يلحق الناس برمضان ما ليس في رمضان، وإما لأنه لعله لم يبلغه الحديث أو لم يصح عنده وهو الأظهر". انظر بداية المجتهد (١/ ٣٠٨ ـ ٣٠٩).
(٦) في جميع النسخ: "مسنده"، والمثبت هو ما في الفروق، والحديث في سنن أبي داود كما سيأتي.
(٧) في (ت): "وكام".
(٨) كتبت في (ت) فوق السطر.
(٩) في (م): "فهذا"، وفي (خ) و (ت) و (ط): "فهكذا".
(١٠) رواه الإمام أبو داود في كتاب الصلاة من سننه، باب في الرجل يتطوع في مكانه الذي صلى فيه المكتوبة برقم (١٠٠٧)، (١/ ٢٦٣)، والحاكم في المستدرك (١/ ٢٧٠)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٢٦٩)، وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف سنن أبي داود (ص٩٨ ـ ٩٩).