للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَجْرِيَ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَرَى (١) الْمَعْقُولَ الْمَعْنَى وَغَيْرَهُ بِدْعَةً مَذْمُومَةً، كَمَنْ كَرِهَ تَنْخِيلَ الدَّقِيقِ فِي الْعَقِيقَةِ (٢)، فَلَا تَكُونُ عِنْدَهُ الْبِدْعَةُ مُبَاحَةً وَلَا مُسْتَحَبَّةً.

وَصَلَاةُ التَّرَاوِيحِ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا (٣).

(وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي دَقَائِقَ التَّصَوُّفِ) فَلَيْسَ بِبِدْعَةٍ بِإِطْلَاقٍ، وَلَا هُوَ مِمَّا صَحَّ بِالدَّلِيلِ بِإِطْلَاقٍ، بَلِ الْأَمْرُ يَنْقَسِمُ، وَلَفْظُ التَّصَوُّفِ لَا بُدَّ مِنْ شَرْحِهِ أَوَّلًا حَتَّى يَقَعَ الْحُكْمُ عَلَى أَمْرٍ مَفْهُومٍ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُجْمَلٌ عِنْدِ هَؤُلَاءِ (٤) الْمُتَأَخِّرِينَ، فَلْنَرْجِعْ إِلَى مَا قَالَ فِيهِ الْمُتَقَدِّمُونَ.

وَحَاصِلُ مَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ (٥) لَفْظُ التصوف عندهم معنيان:

أحدهما: أنه (٦) التَّخَلُّقُ بِكُلِّ خُلُقٍ سَنِيّ، وَالتَّجَرُّدُ عَنْ كُلِّ خُلُقٍ (٧) دَنِيّ (٨).

وَالْآخَرُ: أَنَّهُ الْفَنَاءُ عَنْ نَفْسِهِ، والبقاء بربه (٩).

وهما في التحقيق (١٠) يرجعان (١١) إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، إِلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا يَصْلُحُ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنِ (الْبِدَايَةِ، وَالْآخِرَ يَصْلُحُ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنِ) (١٢) النِّهَايَةِ، وَكِلَاهُمَا اتِّصَافٌ، إِلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُلْزِمُهُ الْحَالُ (١٣)، وَالثَّانِي يُلْزِمُهُ الْحَالُ.


(١) في (م): "رأى".
(٢) في (ط): "الصيغة"، وتنقص الكلمة بعض الحروف في نسخة (خ).
وانظر: المسألة في الباب السابع (٢/ ٧٣ ـ ٧٤، ٧٧).
(٣) في (غ) و (ر): "فيها"، وتقدم الكلام عليها (ص٣٥٩ ـ ٣٦٣).
(٤) ساقطة من (غ).
(٥) في (خ) و (ت) و (ط): "فيه".
(٦) ساقطة من (خ) و (ط).
(٧) بياض في (ت).
(٨) وهذا التعريف منقول عن أبي محمد الجريري كما في الرسالة القشيرية (ص١٦٥).
(٩) في (خ) و (ط): "لربه".
(١٠) جزء من الكلمة في البياض في نسخة (ت).
(١١) ساقطة من (م) و (خ) و (ت) و (ط).
(١٢) ما بين المعكوفين ساقط من (ت).
(١٣) قال القشيري في رسالته: "والحال عند القوم معنى يرد على القلب، من غير تعمد منهم، ولا اجتلاب، ولا اكتساب لهم، من طرب أو حزن أو بسط أو قبض أو=