وهذا سند صحيح إن كان طاوس سمع من صفوان، وقد قال ابن عبد البر في "التمهيد" (١١/ ٢١٩): "وطاوس سماعه من صفوان بن أمية ممكن؛ لأنه أدرك زمن عثمان". وحكم الشيخ الألباني على هذا الإسناد بالصحة على شرط الشيخين، وذكر كلام ابن عبد البر، ثم قال: "زد على ذلك أن طاوساً ليس موصوفاً بالتدليس، فمثله يحمل حديثه على الاتصال، فالسند صحيح". قلت: يمكن التسليم بما ذكره الشيخ ـ رحمه الله ـ على مذهب مسلم بن الحجاج ومن تبعه، أما على مذهب البخاري فلا. ومما يغلب جانب الانقطاع: أن الحديث أخرجه معمر في "جامعه" الملحق بـ"المصنف" لعبد الرزاق (١٠/ ٢٣٠ رقم ١٨٩٣٩) عن عبد الله بن طاوس، عن طاوس قال: قيل لصفوان ... ، فذكره هكذا مرسلاً. وقد أخرجه النسائي (٤٨٨٤) من طريق حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن صفوان، به. وخولف حماد بن سلمة. فرواه زكريا بن إسحاق وإبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس. أما رواية زكريا بن إسحاق: فأخرجها الدارقطني (٣/ ٢٠٥ ـ ٢٠٦ رقم ٣٦٦)، والحاكم (٤/ ٣٨٠) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد عنه. وأما رواية إبراهيم بن ميسرة: فأخرجها الطبراني في "الكبير" (٨/ ٤٧ رقم ٧٣٢٦). قال الحاكم: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي. وتعقبهما الألباني بقوله: "وهو كما قالا، ولكني أتعجب منهما كيف لم يصححاه على شرط الشيخين؛ فإنه من طريقين عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني، ثنا زكريا بن إسحاق، وهذا رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين، وزكريا هذا ثقة اتفاقاً، فلا يضرّه مخالفة حماد بن سلمة له في إسناده ... ، ويبدو أن طاوساً كان له في هذا الحديث إسنادان: أحدهما: عن ابن عباس، والآخر: عن صفوان، وأنه كان تارة يرويه عن هذا، وتارة عن هذا، فرواه عمرو بن دينار عنه على الوجهين، وابنه على الوجه الآخر، والله أعلم". وأخرجه البيهقي في "السنن" (٨/ ٢٦٥) من طريق الشافعي، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن طاوس، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم مرسلاً. وهذا يقوي رواية معمر السابقة، وأن الصواب في رواية طاوس الإرسال. وأخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (٢/ ٨٣٤ رقم ٢٨) عن الزهري، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان؛ أن صفوان بن أمية قيل له ... ، فذكره هكذا مرسلاً.=