للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَوْمًا، قَالَ: فَقَالَ عَمْرُو (١) بْنُ عُبَيْدٍ: أَلا تسمعون؟ ما كلام الحسن وابن سيرين عند ما تسمعون إلا خِرْقَةُ حَيْضَةٍ مُلقاة.

وكان وَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الِاعْتِزَالِ، فَدَخَلَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ عَمْرُو (١) بْنُ عُبَيْدٍ فأُعجب بِهِ، فَزَوَّجَهُ أُخته، وَقَالَ لَهَا (٢): زَوَّجْتُكِ بِرَجُلٍ مَا يَصْلُحُ إِلا أَن يَكُونَ خَلِيفَةً (٣).

ثُمَّ تَجَاوَزُوا الْحَدَّ حَتَّى رَدُّوا الْقُرْآنَ بِالتَّلْوِيحِ وَالتَّصْرِيحِ لرأْيهم السُّوءِ.

فَحَكَى عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: أَنه سَمِعَ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ؛ أَنه قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَمْرِو (٤) بْنِ عُبَيْدٍ ـ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى دُكَّانِ عُثْمَانَ الطَّوِيلِ ـ، فأَتاه رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبا عُثْمَانَ! مَا سَمِعْتُ مِنَ الْحَسَنِ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} (٥)؟ قَالَ: تُرِيدُ أَنْ (٦) أُخْبِرَكَ برأْيٍ حَسَنٍ؟ قَالَ: لَا أُريد إِلا مَا سَمِعْتَ مِنَ الْحَسَنِ. قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: كَتَبَ اللَّهُ عَلَى قَوْمٍ الْقَتْلَ فَلَا يَمُوتُونَ إِلَّا قَتْلًا، وَكَتَبَ عَلَى قَوْمٍ الْهَدْمَ فَلَا يَمُوتُونَ إِلَّا هَدْمًا، وَكَتَبَ عَلَى قَوْمٍ الْغَرَقَ فَلَا يَمُوتُونَ إِلَّا غَرَقًا، وَكَتَبَ عَلَى قَوْمٍ الْحَرِيقَ فَلَا يَمُوتُونَ إِلَّا حَرْقًا. فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ الطَّوِيلُ: يَا أَبَا عُثْمَانَ! لَيْسَ هَذَا قَوْلَنَا. قَالَ عَمْرٌو (٧): قد قلت: أتريد (٨) أن أخبرك (٩) برأي الحسن (١٠)، فأبى،


(١) في (خ) و (م) "عمر".
(٢) قوله: "لها" من (خ) فقط.
(٣) في (م): "ما يصلح أن يكون إلا خليفة".
وقول ابن علية هذا: أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (٣/ ٢٨٥)، وابن عدي في "الكامل" (٥/ ١٠٣)، كلاهما من طريق مؤمل بن هشام، عن إسماعيل بن علية، به.
ومن قوله: "وكان وَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الاعتزال ... " إلى آخره هو من قول إسماعيل، وسنده صحيح، وأما احتقار عمرو بن عبيد للحسن وابن سيرين، فهو من رواية إسماعيل، عن اليسع بن قيس أبي مسعدة ولم أجد من وثقه.
(٤) في (خ) و (م): "عمر".
(٥) الآية (١٥٤) من سورة آل عمران.
(٦) قوله: "أن" ليس في (خ).
(٧) في (خ) و (م) "عمر".
(٨) في (خ) و (م): "أريد".
(٩) في (م): "أخبر".
(١٠) كذا في جميع النسخ و"الكامل" لابن عدي الذي نقلت منه هذه الحكاية ـ كما سيأتي ـ، وحق العبارة أن يقال: "برأي حسن".