للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَرْجِعَ (١) إِلَى الكلِّيَّات، فَمَنْ عَكْسَ الأَمر حَاوَلَ شَطَطًا، وَدَخَلَ فِي حُكْمِ الذَّمِّ؛ لأَن مُتَّبِعَ المتشابهات (٢) مَذْمُومٌ، فَكَيْفَ يُعْتَدُّ بِالْمُتَشَابِهَاتِ دَلِيلًا؟ أَوْ يُبْنَى (٣) عَلَيْهَا حُكْمٌ مِنَ الأَحكام؟ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ دَلِيلًا فِي نَفْسِ الأَمر، فَجَعْلُهَا دَلِيلًا (٤) بِدْعَةٌ محدثة (٥).

وَمِثَالُهُ فِي مِلَّة الْإِسْلَامِ: مَذَاهِبُ (٦) الظَّاهِرِيَّةِ فِي إِثبات الْجَوَارِحِ (٧) لِلرَّبِّ ـ المنزَّه عَنِ النَّقَائِصِ ـ؛ مِنَ العين واليد والرجل والوجه المحسوسات، وَالْجِهَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الثَّابِتِ لِلْمُحْدَثَاتِ (٨).

وَمِنَ الْأَمْثِلَةِ أَيْضًا: أَن جَمَاعَةً زَعَمُوا أَن الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ؛ تعلُّقاً بِالْمُتَشَابِهِ (٩)، وَالْمُتَشَابُهُ الَّذِي تعلَّقوا بِهِ على وجهين: عقلي ـ في زعمهم ـ، وسمعي.


(١) قوله: "ترجع" ليس في (خ).
(٢) في (خ): "الشبهات".
(٣) في (غ) و (ر): "ويبنى".
(٤) قوله: "دليلاً" ليس في (خ).
(٥) في (خ): "فجعلها بدعة محدثة هو الحق".
(٦) في (خ): "مذهب".
(٧) في (غ): "الجوار"؛ سقطت الحاء.
(٨) علق رشيد رضا رحمه الله على هذا الموضع بقوله: "إن كان يريد بالظاهرية: المجسِّمة المشبِّهة الذين زعموا أن لله تعالى جوارح كأعضاء البشر، فهو مصيب، وإن أراد بهم أهل الأثر الذين أثبتوا له تعالى ما أثبته لنفسه على لسان رسوله صلّى الله عليه وسلّم؛ من العلو والصفات المعبَّر عنها بأسماء الجوارح، مع تنزيهه عن مشابهة الخلق فهو مخطئ؛ لأن هؤلاء هم أهل السنة، ومن عداهم المبتدعة؛ لمخالفتهم للسلف. ولا فرق بين أسماء الجوارح وأسماء المعاني؛ كالعلم والكلام، فإن علم الله ليس كعلم البشر، ويده التي أثبتها لنفسه ليست كيد الإنسان أيضاً، وعقيدة التنزيه هي التي تنفي التشبيه".اهـ.
ومن الواضح من تتبع كلام الإمام الشاطبي رحمه الله في كتابه هذا وفي "الموافقات" أن مراده هم أهل الأثر الذين أثبتوا صفات الله عز وجل كما يليق بجلاله؛ حيث مشى رحمه الله في هذا الباب على طريقة الأشاعرة.
وقد تتبع هذه المواضع الأخ ناصر بن حمد الفهد في رسالة "الإعلام بمخالفات الموافقات والاعتصام"، وناقشها ببيان الحق الذي أخطأه المؤلف فيها.
أما تعليق سليم الهلالي على هذا الموضع بأن مراد الشاطبي هم المشبهة، ثم قوله: "فمن تتبع عقيدة المصنف من سياق كتابه وجد ما يثلج صدره"، فهو كلام من لم يتتبع عقيدة المصنف في سياق كتابه!!
(٩) في (غ) و (ر): "بالمتشابهات".