للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثَلَاثُونَ سُنَّةً، وَبَعْدَ ذَلِكَ فِرَق وأَهواءُ، وشُح مُطاع، وهَوًى مُتَّبع، وَإِعْجَابُ كُلِّ ذِي رَأْيٍ برَأْيِهِ، فَلَمْ يَزَلِ الأَمر عَلَى ذَلِكَ، وَالْبَاطِلُ ظَاهِرٌ وَالْحَقُّ كَامِنٌ، وَالْعِلْمُ مَرْفُوعٌ ـ كَمَا أَخبر عليه الصلاة والسلام ـ والجهل ظاهر، لم يَبْقَ مِنَ الدِّينِ إِلَّا اسْمُهُ، وَلَا مِنَ الْقُرْآنِ إِلا رَسْمُه، حَتَّى جاءَ اللَّهُ بالإِمام، فأَعاد الله بِهِ الدِّينَ ـ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ـ: "بَدَأَ الْإِسْلَامُ (١) غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ" (٢)، وَقَالَ: إِنَّ طَائِفَتَهُ هُمُ الغرباءُ، زَعْمًا مِنْ غَيْرِ بُرْهَانٍ زَائِدٍ عَلَى الدَّعْوَى، وَقَالَ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ: جاءَ اللَّهُ بِالْمَهْدِيِّ وَطَاعَتُهُ صَافِيَةٌ نقيَّة، لَمْ يُرَ (٣) مِثْلُهَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ، وأَن بِهِ قَامَتِ (٤) السَّمَوَاتُ والأَرض، وَبِهِ (٥) تَقُومُ، وَلَا ضِدَّ لَهُ (٦)، وَلَا مِثْلَ، ولا ندّ (٧)، وكذب! تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِ، وَهَذَا كَمَا نزَّل أَحَادِيثَ التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ فِي الْفَاطِمِيِّ (٨) عَلَى نفسه وأَنه هو


(١) في (خ): "الدين" بدل "الإسلام".
(٢) تقدم تخريجه (ص٦٥).
(٣) في (م): "تر".
(٤) في (غ) و (ر): "قد قامت".
(٥) في (خ): "به".
(٦) قوله: "له" ليس في (غ).
(٧) في (غ) و (ر): "ولا ندّ ولا مثل".
(٨) يعني أحاديث المهدي، ومن أهمها: حديث ابن مسعود، وأبي سعيد الخدري، وأم سلمة رضي الله عنهم.
أما حديث ابن مسعود: فيرويه عاصم بن أبي النَّجود، عن زرّ بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم، لطوَّل الله ذلك اليوم حتى يُبعث فيه رجل مني ـ أو: من أهل بيتي ـ يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلماً وجوراً".
أخرجه أبو داود (٤٢٨١) واللفظ له، والترمذي (٢٢٣٠ و٢٢٣١)، وقال: "هذا حديث حسن صحيح".
وصححه ابن حبان (٦٨٢٤ و٦٨٢٥/ الإحسان).
وأما حديث أبي سعيد: فأخرجه أحمد (٣/ ١٧، ٢١ ـ ٢٢، ٢٦ ـ ٢٧، ٢٨، ٣٦، ٣٧، ٥٢، ٧٠)، وأبو يعلى (٩٨٧، ١١٢٨)، وابن حبان (٦٨٢٣، ٦٨٢٦)، ثلاثتهم من طريق أبي الصديق النَّاجي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً، ثم يخرج رجل من أهل بيتي ـ أو عترتي ـ، فيملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وعدواناً".
وسنده صحيح. وأخرجه الترمذي (٢٢٣٢) وحسنه.=