للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْعِصْمَةِ، ثُمَّ وُضِعَ ذَلِكَ فِي الْخُطَبِ، وضُرِبَ فِي السِّكَك، بَلْ كَانَتْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ عِنْدَهُمْ ثالثة الشهادتين (١)، فَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهَا، أَو شَكَّ فِيهَا، فَهُوَ كَافِرٌ كَسَائِرِ الْكُفَّارِ. وَشَرَعَ الْقَتْلَ فِي مَوَاضِعَ لَمْ يَضَعْهُ الشَّرْعُ فِيهَا، وَهِيَ نَحْوٌ مَنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا؛ كَتَرْكِ امْتِثَالِ أَمر مَنْ يَستمع أَمره، وَتَرْكِ حُضُورِ مَوَاعِظِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَالْمُدَاهَنَةُ إِذا ظَهَرَتْ فِي أَحد قُتِل، وأَشياءُ كثيرة.

وكان مذهبه الظَّاهِرِيَّةَ (٢)، وَمَعَ ذَلِكَ فَابْتَدَعَ أَشياءَ؛ كوجوهٍ مِنَ التثويب؛ إِذ كانوا ينادون عند الصلاة بـ"تاصاليت (٣) الإِسلام" و"بتقام (٤) تاصاليت" (٢) و"سودرتن" (٥) و"باردي" (٦) و"أَصبح وَلِلَّهِ الْحَمْدُ" (٧) وَغَيْرِهِ (٨)، فَجَرَى الْعَمَلُ بِجَمِيعِهَا فِي زَمَانِ الموحِّدين، وَبَقِيَ أَكثرها بَعْدَمَا انْقَرَضَتْ دَوْلَتُهُمْ، حَتَّى إِني أَدركت بِنَفْسِي فِي جَامِعِ غَرْنَاطَةَ الأَعظم الرضا عَنِ الإِمام الْمَعْصُومِ، الْمَهْدِيِّ الْمَعْلُومِ، إِلى أَن أُزيلت وبقيت أَشياءُ كثيرة غُفل عَنْهَا أَو أُغفلت (٩).

وَقَدْ كَانَ السُّلْطَانُ أَبو العُلَى (١٠) إِدريس بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ عَلِيٍّ مِنْهُمْ، ظَهَرَ لَهُ قُبْحُ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْابْتِدَاعَاتِ، فأَمر ـ حين استقرّ بمرَّاكش خليفة (١١) ـ بإِزالة جميع ما ابتُدع


(١) في (خ) و (م): "الشهادة".
(٢) في (خ): "البدعة الظاهرية".
(٣) في (غ) و (ر): "تاصليت".
(٤) في (غ) و (ر): "وتقام"، وفي (م) يشبه أن تكون: "وبيقام".
(٥) في (خ): "وسوردين"، وفي (م): "وسودرين".
(٦) في (ر) و (غ): "وتاردي"، وسيأتي غير هذا الضبط.
(٧) ذكر أبو العباس الناصري في "الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى" (١/ ٩٦) في ترجمة محمد بن تومرت: أنه أول من أحدث "أصبح ولله الحمد" في أذان الصبح. وانظر "معجم المناهي اللفظية" للشيخ بكر أبو زيد، لفظة "أصبح ولله الحمد"، وما سيأتي (ص٢٥٩).
(٨) في (ر) و (غ): "وغير ذلك".
(٩) في (ر) و (غ): "وأغفلت".
(١٠) في (خ): "العلاء"، وهو خطأ، انظر: ترجمته في "سير أعلام النبلاء" (٢٢/ ٣٤٢).
(١١) في (خ): "خليفته".