للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَ ذَلِكَ فِي الْمَالِ، فَكَذَلِكَ فِي (١) سَائِرِ شُعَبِ الإِيمان، بِشَهَادَةِ التَّجْرِبَةِ الْعَادِيَّةِ.

ولِمَا تقدَّم أَول الكتاب من (٢) أَنه لَا يَزَالُ الدِّينُ فِي نَقْصٍ فَهُوَ أَصل (٣) لا شك فيه، وهو عَقْدُ (٤) أَهل السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، فَكَيْفَ يَعْتَقِدُ بَعْدَ ذَلِكَ في أَحدٍ (٥) أَنه ولي أَهل الأَرض ليس (٦) فِي الأُمة وَلِيٌّ غَيْرُهُ؟ لَكِنَّ الْجَهْلَ الْغَالِبَ، وَالْغُلُوَّ فِي التَّعْظِيمِ، وَالتَّعَصُّبِ لِلنِّحَلِ، يُؤَدِّي إِلى مِثْلِهِ أَو أَعظم مِنْهُ.

وَالْمُتَوَسِّطُ يَزْعُمُ أَنه مساوٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلا أَنه لَا يأَتيه الْوَحْيُ (٧). بَلَغَنِي هَذَا عَنْ طائفة من الغالين في شيخهم، الحاملين لطريقته (٨) فِي زَعْمِهِمْ، نَظِيرَ مَا ادَّعَاهُ بَعْضُ تَلَامِذَةِ الْحَلاّج فِي شَيْخِهِمْ، عَلَى الِاقْتِصَادِ مِنْهُمْ فِيهِ، وَالْغَالِي (٩) يَزْعُمُ فِيهِ أَشنع مِنْ هَذَا، كَمَا ادَّعَى أَصحاب الحَلاّج فِي الحَلاّج.

وَقَدْ حَدَّثَنِي بَعْضُ الشُّيُوخِ أَهل الْعَدَالَةِ وَالصِّدْقِ فِي النَّقْلِ أَنه قال: أَقمت زماناً في بعض قرى (١٠) الْبَادِيَةِ، وَفِيهَا مِنْ هَذِهِ الطَّائِفَةِ الْمُشَارِ إِليها كَثِيرٌ. قَالَ: فَخَرَجْتُ يَوْمًا مِنْ مَنْزِلِي لِبَعْضِ شأَني، فرأَيت رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ قَاعِدَيْنِ يَتَحَدَّثَانِ (١١)، فَاتَّهَمْتُ (١٢) أَنهما يتحدَّثان فِي بَعْضِ فُرُوعِ طَرِيقَتِهِمْ، فَقَرُبْتُ مِنْهُمَا عَلَى اسْتِخْفَاءٍ لأَسمع مِنْ كَلَامِهِمْ ـ إِذ من شأنهم الاستخفاء


=والحديث أخرجه البخاري (٣٦٧٣)، ومسلم (٢٥٤١) من حديث أبي سعيد الخدري، وأخرجه مسلم (٢٥٤٠) من حديث أبي هريرة.
(١) قوله: "في" ليس في (م).
(٢) قوله: "من" ليس في (خ) و (م).
(٣) في (خ): "أصلي".
(٤) في (خ) و (م): "عند".
(٥) قوله: "أحد" ليس في (خ).
(٦) في (خ): "وليس".
(٧) في (غ) و (ر): "جبريل".
(٨) في (خ): "لطريقتهم".
(٩) في (خ): "والقالي".
(١٠) في (خ): "القرى".
(١١) قوله: "يتحدثان" ليس في (خ).
(١٢) كذا في جميع النسخ! ولعل صوابه: "فتوهَّمت"؛ قاله رشيد رضا.