للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا (١) بِمَا سَمِعَ، فأَما أَن يُجلسوا خَطِيبًا فَلَا (٢).

وَكَالَّذِي (٣) نَرَاهُ (٤) مَعْمُولًا بِهِ فِي الْمَسَاجِدِ؛ مِنَ اجْتِمَاعِ الطَّلَبَةِ عَلَى مُعَلِّمٍ يُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ، أَوْ عِلْماً من العلوم الشرعية، أَو يجتمع (٥) إِليه الْعَامَّةُ، فَيُعَلِّمُهُمْ أَمر دِينِهِمْ، ويذكِّرهم بِاللَّهِ، ويبيِّن لَهُمْ سُنَّةَ نَبِيِّهِمْ لِيَعْمَلُوا بِهَا، ويبيِّن لَهُمُ الْمُحْدَثَاتِ الَّتِي هِيَ ضَلَالَةٌ لِيَحَذَرُوا مِنْهَا، ويجتنبوا (٦) مَوَاطِنَهَا وَالْعَمَلَ بِهَا.

فَهَذِهِ مَجَالِسُ الذِّكْرِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَهِيَ الَّتِي حَرَمَها (٧) اللَّهُ أَهلَ الْبِدَعِ مِنْ هؤلاءِ الفقراءِ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنهم سَلَكُوا طَرِيقَ (٨) التصوُّف، فقلَّما (٩) تَجِدُ مِنْهُمْ مَنْ يُحْسِنُ قراءَة الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا عَلَى اللَّحْنِ، فَضْلًا عَنْ غَيْرِهَا، وَلَا يَعْرِفُ كَيْفَ يتعبَّد، وَلَا كَيْفَ يَسْتَنْجِي أَو يتوضأَ أَو يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَكَيْفَ يَعْلَمُونَ (١٠) ذَلِكَ وَهُمْ قَدْ حُرِمُوا مَجَالِسَ الذِّكْرِ الَّتِي تَغْشَاهَا الرَّحْمَةُ، وَتَنْزِلُ فِيهَا السَّكِينَةُ، وَتَحُفُّ بِهَا الْمَلَائِكَةُ؟ فَبِانْطِمَاسِ هَذَا النُّورِ عَنْهُمْ ضَلُّوا، فَاقْتَدَوْا بِجُهَّالٍ أَمثالهم، وأَخذوا يقرؤُون الأَحاديث النَّبَوِيَّةَ وَالْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةَ فَيُنْزِلُونَهَا عَلَى آرَائِهِمْ، لَا عَلَى مَا قَالَ أَهل الْعِلْمِ فِيهَا. فَخَرَجُوا عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ إِلى أَنْ يَجْتَمِعُوا، وَيَقْرَأَ أَحَدُهُمْ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ يَكُونُ حَسَنَ الصَّوْتِ، طيِّب النَّغْمَةِ، جيِّد التَّلْحِينِ، تُشْبِهُ قِرَاءَتُهُ الغناءَ الْمَذْمُومَ، ثُمَّ يَقُولُونَ: تَعَالَوْا نَذْكُرُ (١١) اللَّهَ! فيرفعون أصواتهم ويُمَشُّون (١٢)


(١) في (خ) و (م): "وهذا" بدل "ويحدث هذا".
(٢) أخرجه ابن وضاح في "البدع والنهي عنها" (٤٠) من طريق عيسى بن يونس، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم بن عتيبة؛ قال: سألت عبد الرحمن بن أبي ليلى عن القصص ... ، فذكره.
وسنده ضعيف لضعف محمد بن أبي ليلى الراوي عن الحكم، فقد قال عنه ابن حجر في "التقريب" (٦١٢١): "صدوق سيء الحفظ جداً".
(٣) في (خ): "وكان كالذي".
(٤) في (غ) و (ر): "تراه".
(٥) في (خ): "تجتمع".
(٦) في (خ): "ويتجنبوا".
(٧) في (ر) و (غ): "حرم".
(٨) قوله: "طريق" من (خ) فقط.
(٩) في (خ): "وقلما".
(١٠) في (غ) و (ر): "يعملون".
(١١) في (خ) و (غ) و (ر): "تذكروا".
(١٢) في (خ): "يمشون".