للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصَّحِيحِ. ثُمَّ لَمَّا طَالَبَهُمْ (١) لِسَانُ الْحَالِ بِالْحُجَّةِ، أخذوا كلام المجيب وهم لا يعلمونه (٢)، وقوَّلوه مَا لَا يَرْضَى بِهِ العلماءُ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي كَلَامٍ آخَرَ؛ إِذ سُئِلَ عن ذكر فقراء زماننا، فأَجاب بأَن الغالب في (٣) مجالس الذكر المذكورة في الأَحاديث أَنها هِيَ (٤) الَّتِي يُتْلَى (٥) فِيهَا الْقُرْآنُ، وَالَّتِي يُتَعَلَّم فِيهَا الْعِلْمُ وَالدِّينُ، وَالَّتِي تُعمر بِالْوَعْظِ (٦) وَالتَّذْكِيرِ بِالْآخِرَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ؛ كَمَجَالِسِ (٧) سُفْيَانَ الثوري، والحسن، وابن سيرين، وأَضرابهم.

وأما (٨) مَجَالِسُ الذِّكْرِ اللِّسَانِيِّ: فَقَدْ صُرِّح بِهَا فِي (٩) حَدِيثِ الْمَلَائِكَةِ السَّيَّاحين (١٠)، لَكِنْ لَمْ يُذكر فِيهِ جهر (١١) بِالْكَلِمَاتِ، وَلَا رَفْعَ أَصوات، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ. لَكِنَّ الأَصل الْمَشْرُوعَ إِعلان الْفَرَائِضِ وَإِخْفَاءُ النَّوَافِلِ، وأَتى بِالْآيَةِ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا *} (١٢)، وَبِحَدِيثِ: "أَربعوا عَلَى أَنفسكم" (١٣). قَالَ: وفقراءُ الْوَقْتِ قد تحيَّزوا (١٤) بآيات (١٥)،


(١) في (غ) و (ر): "طلبهم".
(٢) في (خ): "لا يعلمون".
(٣) قوله: "الغالب في" ليس في (خ) و (م).
(٤) قوله: "هي" ليس في (غ) و (م) و (ر).
(٥) في (خ): "يختلا". وعلق عليها رشيد رضا بقوله: في الأصل: "يختلا" هكذا، فصححها ناسخ الورق الذي نطبع عنه، فجعلها: "يختلى"، وكلاهما غلط. اهـ.
(٦) في (خ): "بالعلم" بدل "بالوعظ".
(٧) في (غ) و (ر): "كمجاليس".
(٨) في (خ) و (م): "أما".
(٩) قوله: "في" ليس في (ر) و (غ).
(١٠) أخرجه الإمام أحمد (٢/ ٢٥١ ـ ٢٥٢)، والترمذي (٣٦٠٠) كلاهما من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة ـ أو عن أبي سعيد، هو شكّ، يعني الأعمش ـ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: "إن لله ملائكة سيّاحين في الأرض، فُضُلاً عن كتّاب الناس، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تبادروا: هلمّوا إلى بغيتكم ... " الحديث بطوله.
وقد أخرجه البخاري (٦٤٠٨) من طريق جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة ـ ولم يشك ـ، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "إن لله ملائكة يطوفون في الطرق ... " الحديث.
وأخرجه مسلم (٢٦٨٩) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "إن لله تبارك وتعالى ملائكة سيارة ... " الحديث.
(١١) في (خ): "جهراً".
(١٢) سورة مريم: الآية (٤).
(١٣) تقدم تخريجه في الصفحة السابقة.
(١٤) في (خ) و (م): "تخيروا".
(١٥) في (غ): "بئات"، وفي (م): يشبه أن تكون: "بنات".