للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأَعاد لفظ: "لا تنام الليل" (١) مُنْكِرًا عَلَيْهَا ـ وَاللَّهُ أَعلم ـ، غَيْرَ راضٍ فِعْلَهَا؛ لما خافه عليها من المَلَلِ (٢) والسَّآمة، أَو تَعْطِيلِ حَقٍّ آكَدٍ (٣).

وَنَحْوُهُ حَدِيثُ أَنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ ـ وَحَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ ـ، فَقَالَ: "مَا هَذَا"؟! قَالُوا: حَبْلٌ لِزَيْنَبَ تُصَلِّي، فإِذا كَسَلت أَو فَتَرَتْ أَمسكت بِهِ. فَقَالَ: "حُلّوه، لِيُصَلّ أحدُكم نشاطَه، فإِذا كَسَلَ أَو فَتَرَ قَعَدَ". وَفِي رِوَايَةٍ قال (٤): "لَا، حُلّوه" (٥).

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (٦) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: بَلَغَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَصوم أَسْرُدُ، وأُصلي اللَّيْلَ، فإِما أَرسل إِليَّ، وإِما لَقِيتُهُ، فَقَالَ: "أَلَمْ أُخبر أَنك تَصُومُ لَا تُفْطِرُ، وَتَصِلِي اللَّيْلَ؟ فَلَا تَفْعَلْ؛ فإِن لِعَيْنِكَ حَظًّا، وَلِنَفْسِكِ حَظًّا، ولأَهلك حَظًّا، فَصُمْ وأَفطر، وصَلِّ وَنَمْ ... "، الْحَدِيثَ (٧).

وَفِي رِوَايَةٍ (٨) عَنْ أَبِي سَلَمَةَ (٩) قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو (١٠) بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما؛ قَالَ: كُنْتُ أَصوم الدَّهْرَ، وأَقرأُ الْقُرْآنَ كُلَّ ليلة، قال (١١): فإِما ذُكِرْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإِما أَرسل إِليَّ، فأَتيته فَقَالَ: "أَلَمْ أُخبر أَنك تَصُومُ الدَّهْرَ، وَتَقْرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ؟ " فقلت (١٢): بلى يا رسول الله! ولم أُرِدْ بذلك (١٣) إِلا الخير، قال: "فإن بحسبك (١٤) أَن تصوم كل شهر ثلاثة أَيام"، فَقَلَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! إِني أُطِيقُ أَفضل مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: "فإِن لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولزَوْرِك (١٥) عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا". قَالَ: "فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ نَبِيِّ اللَّهِ، فإِنه كَانَ أَعبد النَّاسِ". قَالَ: فَقَلَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! وَمَا صَوْمُ دَاوُدَ؟ قَالَ: "كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا". قَالَ: "وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ". قَالَ: فَقَلَتْ (١٦): يَا نَبِيَّ اللَّهِ! إِني أَطيق أَفضل مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: "فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عِشْرِينَ". قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: (١٧) "فَاقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ، وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ؛ فإِن لِزَوْجِكَ عليك حقًّا،


(١) قوله: "الليل" ليس في (خ).
(٢) في (خ) و (م): "الكلل".
(٣) في (خ): "أوكد".
(٤) قوله: "قال" ليس في (خ) و (م).
(٥) أخرجه البخاري (١١٥٠)، ومسلم (٧٨٤)، واللفظ الأول لمسلم، والآخر للبخاري.
(٦) في (خ) و (م): "عبد الله بن عمر"، وبهامش (م) ما نصه: "لعله ابن عمرو بفتح العين".
(٧) أخرجه البخاري (١١٣١ و١٩٧٥)، ومسلم (١١٥٩/ ١٨٦)، واللفظ لمسلم.
(٨) عند مسلم برقم (١١٥٩/ ١٨٢).
(٩) في (خ) و (م): "ابن سلمة".
(١٠) في (خ) عمر.
(١١) قوله: "قال" ليس في (خ).
(١٢) في (خ): "فقال"، وفي (م): "فقالت".
(١٣) في (خ): "ولم أر في ذلك".
(١٤) في (خ): "فإن كان كذلك أو فإن كذلك فحسبك"، وعلق عليه رشيد رضا بقوله: نص "صحيح مسلم": فقلت: بلى يا رسول الله، ولم أُرِدْ بذلك إلا الخير، قال: "فإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام".