للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنك لَتُقِلُّ الصَّوْمَ! فَقَالَ: إِنه يَشْغَلُنِي عَنْ قراءَة الْقُرْآنِ، وقراءَة الْقُرْآنِ أَحبّ إِليَّ مِنْهُ (١).

وَلِذَلِكَ (٢) كَرِهَ مَالِكٌ إِحياءَ اللَّيْلِ كُلَّه، وَقَالَ: لَعَلَّهُ يُصْبِحُ مَغْلُوبًا، وَفِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسوة (٣). ثُمَّ قَالَ: لَا بأْس بِهِ مَا لَمْ يَضُرّ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ (٤).

وَقَدْ جاءَ فِي صِيَامِ (٥) يَوْمِ عَرَفَةَ أَنه يُكَفِّرُ سَنْتَيْنِ (٦)، ثُمَّ إِن الإِفطار فِيهِ لِلْحَاجِّ أَفضل؛ لأَنه قُوَّةٌ عَلَى الْوُقُوفِ وَالدُّعَاءِ، ولابن وهب في ذلك حكاية (٧).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٨٩٠٩)، والطبراني في "الكبير" (٩/ ١٧٥ رقم ٨٨٦٨)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٢٠١٨ و٢٠١٩)، ثلاثتهم من طريق الأعمش، عن شقيق، عن ابن مسعود، به. وتصحف "شقيق" في رواية ابن أبي شيبة وإحدى روايات البيهقي إلى "سفيان".
وسنده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٧٩٠٣)، ومن طريقه الطبراني (٨٨٧٠)، من طريق سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد؛ قال: كان عبد الله يقلّ الصيام، فقلنا له: إنك تقلّ الصيام! قال: إني إذا صمت ضعفت عن الصلاة، والصلاة أحبّ إليّ من الصيام.
وسنده صحيح أيضاً.
وأخرجه الطبراني (٨٨٦٩ و٨٨٧٥) من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، به، وزاد: "فإن صام صام ثلاثاً من الشهر".
وله طرق أخرى عند عبد الرزاق والطبراني
(٢) في (م): "وكذلك"، ويشبه أن تكون هكذا في (غ).
(٣) في (ر): "أسوة حسنة"، وأشار الناسخ إلى حذف قوله: "حسنة".
(٤) انظر: "مواهب الجليل شرح مختصر خليل" (١/ ٤١٠)، و"الموافقات" (٢/ ٢٥٠).
(٥) في (ر) و (غ): "صوم".
(٦) أخرجه مسلم (١١٦٢)، وتقدم (ص٢٧) من هذا الجزء.
(٧) انظرها في "ترتيب المدارك" (٣/ ٢٣٩).
وقد ذكر المؤلف هذه الحكاية في "الموافقات" (٢/ ٢٥٠) فقال: "ونحو هذا ما حكى عياض عن ابن وهب: أنه آلى أن لا يصوم يوم عرفة أبداً؛ لأنه كان في الموقف يوماً صائماً، وكان شديد الحر، فاشتد عليه. قال: فكان الناس ينتظرون الرحمة، وأنا أنتظر الإفطار".