للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذِهِ إِشارة إِلى الأَخذ بِالْعَمَلِ الَّذِي يَقْتَضِي المداومة عليه من غير حرج.

وعن عمير (١) بن إِسحاق قال (٢): لَمَنْ (٣) أَدركت مِنْ أَصحاب رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكثر مِمَّنْ سَبَقَنِي مِنْهُمْ، فَمَا رأَيت قَوْمًا أَيسر سِيرَةً، وَلَا أَقل تَشْدِيدًا مِنْهُمْ (٤).

وَقَالَ الْحَسَنُ: دِينُ اللَّهِ وُضِعَ فَوْقَ التَّقْصِيرِ وَدُونَ الْغُلُوِّ (٥).

والأَدلة فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ (٦)، جَمِيعُهَا رَاجِعٌ إِلى أَنه لَا حَرَجَ فِي الدِّينِ. وَالْحَرَجُ كَمَا يَنْطَلِقُ عَلَى الْحَرَجِ الْحَالِيِّ ـ كَالشُّرُوعِ فِي عِبَادَةٍ شَاقَّةٍ فِي نَفْسِهَا ـ، كذلك ينطلق على الحرج المآلي (٧)؛ إذا (٨) كَانَ الحرجُ لَازِمًا مَعَ الدَّوَامِ؛ كَقِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (٩) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ (١٠) مِمَّا تَقَدَّمَ. مَعَ أَن الدَّوَامَ مَطْلُوبٌ حسبما اقتضاه قول أَبي أُمامة (١١)


(١) في (خ) و (م): "وعن عمر".
(٢) في (م): "قا"، وهذا وقع بسبب تصويبها والكلامة التي تليها بخط مغاير فيما يظهر.
(٣) قوله: "لمن" سقط من (خ)، وهو مصوب في (م) كما ذكرت في التعليق السابق.
(٤) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (٧/ ٢٢٠)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٥٥٤٩)، والدارمي في "سننه" (١/ ٥١)، وعبد الله بن أحمد في "زوائد فضائل الصحابة" (١٩٥٩)، وابن عدي في "الكامل" (٥/ ٦٩)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (١٠٤٩)، جميعهم من طريق عبد الله بن عون، عن عمير بن إسحاق؛ قال: كان من أدركت ... فذكره.
وسنده صحيح إلى عمير بن إسحاق.
وعمير بن إسحاق أبو محمد مولى بني هاشم هذا مقبول كما في "التقريب" (٥٢١٤)، وانظر الموضع السابق من "الكامل" لابن عدي.
(٥) أخرجه الإمام أحمد في "الزهد" (ص٣٤٤) من طريق محمد بن جعفر، عن عوف، عن الحسن، فذكره.
وسنده صحيح.
(٦) قوله: "كثيرة" ليس في (خ).
(٧) أي: الذي يصير إليه حال الإنسان ويرجع.
(٨) كذا في جميع النسخ، وأثبتها رشيد رضا: "إذ"!.
(٩) في (خ): "عمر".
(١٠) في (خ): "وغيرها".
(١١) المتقدم (ص١٤٩).