للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن أَنس بن سيرين (١): أَن امرأَة مَسْرُوقٍ قَالَتْ: كَانَ يُصَلِّي حَتَّى تورَّمت قَدَمَاهُ، فَرُبَّمَا جَلَسْتُ خَلْفَهُ أَبكي مِمَّا أَراه يَصْنَعُ بِنَفْسِهِ (٢).

وَعَنِ الشَّعْبِيِّ (٣)؛ قَالَ: غُشي على مسروق في يومٍ صائفٍ وهو


=ومع ذلك فعبد الله هذا متكلم فيه، وفي "التقريب" (٣٢٤٨): "اختلف فيه قول ابن معين وابن حبان، وقال أبو زرعة والنسائي: لا بأس به، وحكى البزار أنه ضعيف في الزهري خاصة".
وأخرجه أحمد أيضاً، وأبو نعيم (٢/ ١٠٤)، كلاهما من طريق أبي أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير، عن حنش بن الحارث، عن علي بن مدرك؛ قال: قال علقمة للأسود: لم تعذب هذا الجسد ـ وهو يصوم ـ؟ قال: الراحة أريد له.
وعلي بن مدرك النخعي إنما يروي عن تلاميذ الأسود وعلقمة كما في ترجمته من "تهذيب الكمال" (٢١/ ١٢٧)، ولم يذكر أنه روى عنهما.
وأخرج أبو نعيم (٢/ ١٠٣) من طريق يزيد بن عطاء، عن علقمة بن مرثد؛ قال: انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين، منهم الأسود بن يزيد، كان مجتهداً في العبادة؛ يصوم حتى يخضرّ جسده ويصفرّ، وكان علقمة بن قيس يقول له: لم تعذب هذا الجسد؟ قال: راحة هذا الجسد أريد.
وعلقمة بن مرثد كسابقه علي بن مدرك كما يتضح من ترجمته في "تهذيب الكمال" (٢٠/ ٣٠٩).
والراوي عنه يزيد بن عطاء اليشكري لين الحديث كما في "التقريب" (٧٨٠٨).
وقد يخالج النفس شعور بأن هذه الطرق ـ على ما في كل منها من ضعف ـ يشدّ بعضها بعضاً، لكن معظمها مراسيل قد يكون مصدرها واحداً.
والمتن يدل على شدة اجتهاد الأسود رحمه الله في العبادة، ويكثر الصيام حتى أضعفه، فاصفرّ لونه، ومن شدة الجهد أحياناً والنصب تعلوه سمرة مع الصفرة، وهو اخضرار اللون في عرف الناس.
ولا شك أن هذا اجتهاد من الأسود رحمه الله، لكن السنة أحبّ إلينا من اجتهاده، وتقدم في كلام الشاطبي رحمه الله ما فيه غنية عن الإعادة.
(١) في (خ) و (م): "وعن أنس بن مالك"، زاد في (خ): "رضي الله عنه"، والمثبت هو الصواب.
(٢) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (٦/ ٨١) من طريق عارم بن الفضل، والخطيب في "تاريخه" (١٣/ ٢٣٤) من طريق أزهر بن مروان، كلاهما عن حماد بن زيد، عن أنس بن سيرين، به.
وسنده صحيح.
(٣) في (خ): "الشعبيني"، وعلق عليه رشيد رضا بقوله: لعله "الشعبي"، أو "الشعباني"،=