للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ: الْحَسَنُ، وَقَتَاَدَةُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ ـ، أَو كَانَ تَحْرِيمًا لِعَسَلِ زَيْنَبَ (١) ـ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ـ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: إِنما كَانَ تَحْرِيمًا بِيَمِين.

قَالَ إِسماعيل بْنُ إِسحاق: يُمْكِنُ أَن يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَهَا ـ يَعْنِي جاريته ـ بيمين بالله (٢)؛ لأَن الرَّجُلَ إِذا قَالَ لأَمته: وَاللَّهِ! لَا أَقْرَبُكِ، فَقَدْ حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِالْيَمِينِ، فإِذا غَشِيَهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفّارة الْيَمِينِ، ثُمَّ أَتى بمسأَلة ابْنِ مُقَرِّن (٣).

وَيُمْكِنُ أَن يَكُونَ السّببُ شُرْبَ العَسَلِ، وَهُوَ الَّذِي وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ (٤) مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيج؛ قَالَ فيه: "بل (٥) شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْش، فَلَنْ أَعُودَ لَهُ؛ وَقَدْ حَلَفْتُ، فَلَا تُخْبِرِي بِذَلِكَ أَحداً". وإِذا كَانَ كَذَلِكَ، فَلَمْ يَبْقَ فِي المسأَلة إِشكال. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَارِيَةِ وَالْعَسَلِ فِي الْحُكْمِ؛ لأَن تَحْرِيمَ الْجَارِيَةِ كَيْفَ مَا (٦) كان؛ بمنزلة تحريم ما يؤكل ويُشرب.


=وأخرجه الحاكم (٢/ ٤٩٣)، وعنه البيهقي (٧/ ٣٥٣) من طريق محمد بن بكير الحضرمي، عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، به.
قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.
ومحمد بن بكير لم يرو له مسلم شيئاً، وهو صدوق يخطئ كما قال الحافظ في "التقريب" (٥٨٠٢).
قال الحافظ في "الفتح" (٨/ ٦٥٧) بعد أن ذكر طرق الحديث: "وهذه الطرق يقوي بعضها بعضاً".
وقال في "التلخيص" (٣/ ٤٢٢): "وبمجموع هذه الطرق يتبين أن للقصة أصلاً أحسب، لا كما زعم القاضي عياض أن هذه القصة لم تأت من طريق صحيح، وغفل رحمه الله عن طريق النسائي التي سلفت فكفى بها صحة. والله الموفق".اهـ.
وقال في "اللسان" (٧/ ١٧٤): "وأما قصة مارية فلها طرق كثيرة؛ تشعر بأن لها أصلاً".
وصحح الحافظ أيضاً في "الفتح" (١٢/ ٣٤٣) نزول الآية في القصتين: العسل ومارية.
(١) أخرجه البخاري (٤٩١٢)، ومسلم (١٤٧٤).
(٢) في (خ) و (م): "بيمين الله".
(٣) وهو الذي حرم على نفسه أن ينام على فراشه سنة. وتقدم صفحة (٢١٣).
(٤) تقدم تخريجه في التعليق رقم (١).
(٥) قوله: "بل" ليس في (خ) و (م).
(٦) قوله: "ما" من (خ) فقط.