قال يحيى بن سعيد: جربنا ذلك فوجدناه حقّاً. وأبو محمد العابد شيخ ابن وضاح لم أعرفه، وسعيد بن المسيب روايته عن عمر مرسلة، والحديث موقوف وليس بمرفوع. ومن خلال ما تقدم يتضح أن الحديث لا ينجبر ضعفه بهذه الطرق، وقد ذهب البيهقي إلى أنه يتقوَّى بها فقال في "الشعب" (٧/ ٣٧٩) بعد أن ذكر طرقه: "هذه الأسانيد وإن كانت ضعيفة، فهي إذا ضُمَّ بعضها إلى بعض أخذت قوَّة، والله أعلم". وذهب إلى تصحيحه أيضاً الحافظ أبو الفضل ابن ناصر، والعراقي كما في "المقاصد الحسنة" (ص٤٣١ رقم ١١٩٣)، والسيوطي في "اللآلئ المصنوعة" (٢/ ١١١ ـ ١١٣)، والشوكاني في "الفوائد المجموعة" (ص٩٨ ـ ١٠٠) حيث قال: "طرقه يقوي بعضها بعضاً"، وذهب إلى تضعيفه الإمام أحمد كما سيأتي، والعقيلي، وابن عدي، وابن حبان كما سبق نقله عنهم، وابن الجوزي؛ فذكره في "العلل المتناهية" و"الموضوعات" ـ كما سبق ـ، ونقد طرقه التي أوردها. كما ذهب إلى تضعيفه الذهبي ـ كما سبق ـ، ومن المتأخرين: الشيخ عبد الرحمن المعلمي، والشيخ ناصر الدين الألباني رحمهما الله، وتقدم النقل عنهما. ومن أجود من نقد الحديث وأعلّه: شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله. أما ابن القيم فقال في "المنار المنيف" (ص١١١ ـ ١١٣): "ومنها [يعني: الأحاديث الباطلة]: أحاديث الاكتحال يوم عاشوراء، والتزيُّن، والتوسعةِ، والصلاة فيه، وغير ذلك من فضائل لا يصح منها شيء، ولا حديث واحد، ولا يثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم فيه شيء غير أحاديث صيامه، وما عداها فباطل، وأمثل ما فيها: "من وسَّع على عياله يوم عاشوراء؛ وسّع الله عليه سائر سنته"، قال الإمام أحمد: لا يصحّ هذا الحديث. وأما حديث الاكتحال، والادّهان، والتطيُّب: فمن وضع الكذّابين، وقابلهم آخرون فاتخذوه يوم تألُّم وحُزن، والطائفتان مبتدعتان خارجتان عن السنّة. وأهل السنّة يفعلون فيه ما أمر به النبي صلّى الله عليه وسلّم من الصوم، ويجتنبون ما أمر به الشيطان من البدع" اهـ. وأما شيخ الإسلام ابن تيمية فتكلم عنه في مواضع عدَّة؛ "كمنهاج السنة" (٧/ ٣٩)، و"اقتضاء الصراط المستقيم" (١/ ٣٠٠). وسئل في "الفتاوى" (٢٥/ ٢٩٩ ـ ٣٠١) عما يفعله الناس في يوم عاشوراء؛ من الكحل، والاغتسال، والحنّاء، والمصافحة، وطبخ الحبوب، وإظهار السرور، وغير ذلك إلى الشارع، فهل ورد في ذلك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم حديث صحيح أم لا؟ وإذا لم يَرِدْ حديث صحيح في شيء من ذلك، فهل يكون فعل ذلك بدعة أم لا؟ وما تفعله=