للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي زَمَنِ (١) الرَّبِيعِ، وَنَوْعًا آخَرَ فِي زَمَنِ (١) الصَّيْفِ، وَنَوْعًا آخَرَ فِي زَمَنِ (١) الْخَرِيفِ، وَنَوْعًا آخَرَ فِي زَمَنِ (١) الشتاءِ.

وَرُبَّمَا وَضَعُوا لأَنواعٍ (٢) مِنَ الْعِبَادَاتِ لِبَاسًا مَخْصُوصًا، وَطِيبًا مَخْصُوصًا (٣)، وَأَشْبَاهُ ذلك من الأَوضاع الفلسفية، يضعونها شرعيَّة؛ أَي مُتَقرَّباً بِهَا إِلى الْحَضْرَةِ الإِلهية فِي زَعْمِهِمْ، وَرُبَّمَا وَضَعُوهَا عَلَى مَقَاصِدَ غَيْرِ شَرْعِيَّةٍ؛ كأَهل التَّصْرِيفِ بالأَذكار (٤) وَالدَّعَوَاتِ لِيَسْتَجْلِبُوا بِهَا الدُّنْيَا مِنَ الْمَالِ والجَاهِ والحُظْوَة ورِفْعة الْمَنْزِلَةِ، بَلْ لِيَقْتُلُوا بِهَا إِن شَاؤُوا أَو يُمْرِضوا، أَو يَتَصَرَّفُوا وَفْقَ أَغراضهم، فَهَذِهِ كُلُّهَا بِدَعٌ مُحْدَثَاتٌ بَعْضُهَا أَشد مِنْ بَعْضٍ؛ لِبُعْدِ هَذِهِ الأغراض عن (٥) مقاصد الشريعة الأُمِّيَّة (٦) الْمَوْضُوعَةِ (٧)، مُبَرَّأَة (٨) عَنْ مَقَاصِدِ المتخرِّصين (٩)، مُطَهَّرة لِمَنْ تمسَّك بِهَا عَنْ أَوْضَارِ اتِّبَاعِ الْهَوَى، إِذ كُلُّ مُتَدَيِّن (١٠) بِهَا، عَارِفٌ بِمَقَاصِدِهَا؛ ينزِّهها عَنْ أَمثال هَذِهِ الْمَقَاصِدِ الْوَاهِيَةِ. فَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى بُطْلَانِ دَعَاوِيهِمْ فِيهَا مِنْ بَابِ شُغْلِ الزَّمَانِ بِغَيْرِ مَا هُوَ أَولى. وَقَدْ تَقَرَّرَ ـ بِحَوْلِ اللَّهِ ـ فِي أَصْلِ الْمَقَاصِدِ مِنْ كِتَابِ "الْمُوَافَقَاتِ" (١١) مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ حُكْمُ هَذَا النَّمَط وَالْبُرْهَانِ عَلَى بُطْلَانِهِ، لَكِنْ (١٢) عَلَى وَجْهٍ كُلِّيٍّ مُفِيدٍ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

وَهَذَا كُلُّهُ إِن فَرَضْنَا أَصل الْعِبَادَةِ مَشْرُوعًا، فإِن كَانَ أَصلها غَيْرَ مَشْرُوعٍ؛ فَهِيَ بِدْعَةٌ حَقِيقِيَّةٌ مُرَكَّبَةٌ؛ كالأَذكار وَالْأَدْعِيَةِ الَّتِي يَزْعُمُ (١٣)


(١) في (غ): "زمان".
(٢) في (خ) و (غ): "الأنواع".
(٣) قوله: "وطيباً مخصوصاً" سقط من (خ).
(٤) في (م): "بأذكار".
(٥) في (ر) و (غ): "من".
(٦) أثبتها رشيد رضا رحمه الله ـ اجتهاداً ـ: "الشريعة الإسلامية"، والنسخ كلها متفقه على ما هو مثبت.
(٧) قوله: "الموضوعة" سقط من (ت).
(٨) في (ت): "المبرأة".
(٩) في (م) يشبه أن تكون: "المتحرضين".
(١٠) في (غ): "متزين".
(١١) أطال المصنف رحمه الله في "الموافقات" في الكلام على المقاصد بقسميها: ما يتعلق بمراد الشارع، وما يتعلق بمراد المكلف، فانظره إن شئت (٢/ ٧) فما بعد.
(١٢) في (م): "لاكل".
(١٣) في (ت) و (خ) و (م): "والأدعية بزعم".