للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَقِيقَةً أَو اعْتِبَارًا، وَلَوْ فَرَضْنَا (١) ارْتِفَاعَهَا عَنْهُ لَارْتَفَعَ الْمَوْصُوفُ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَوْصُوفٌ بِهَا؛ كَارْتِفَاعِ الإِنسان بِارْتِفَاعِ النَّاطِقِ أَو الضَّاحِكِ. فإِذا كَانَتِ الصِّفَةُ الزَّائِدَةُ عَلَى الْمَشْرُوعِ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ؛ صَارَ الْمَجْمُوعُ مِنْهُمَا غَيْرَ مَشْرُوعٍ، فَارْتَفَعَ اعتبار المشروع الأَصل (٢).

وَمِنْ أَمثلة ذَلِكَ أَيضاً (٣): قراءَة الْقُرْآنِ بالإِدارة عَلَى صَوْتٍ وَاحِدٍ، فإِن تِلْكَ الْهَيْئَةَ زَائِدَةٌ على مشروعية القراءَة، وكذلك الذِّكر (٤) الجَهْري (٥) الَّذِي اعْتَادَهُ أَربابُ الزَّوايا.

وَرُبَّمَا لطُفَ اعْتِبَارُ الصِّفَةِ فَيَشُكُّ فِي بُطْلَانِ الْمَشْرُوعِيَّةِ، كَمَا وَقَعَ فِي "الْعُتْبِيَّةِ" (٦) عَنْ مَالِكٍ؛ فِي مسأَلة الِاعْتِمَادِ في الصلاة حتى (٧) لَا يحرِّك رِجْلَيْهِ، وأَن أَول مَنْ أَحدثه رَجُلٌ قَدْ عُرِفَ. قَالَ: وَقَدْ كَانَ مُسَاءً (٨) ـ أَي: يساءُ الثناءُ (٩) عَلَيْهِ ـ، فَقِيلَ لَهُ: أَفَعِيبَ ذلك عليه (١٠)؟ قال: قد عِيبَ ذلك عليه (١١)، هذا مَكْرُوهٌ مِنَ الْفِعْلِ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا أَن الصَّلَاةَ بَاطِلَةٌ، وَذَلِكَ لِضَعْفِ وَصْفِ الِاعْتِمَادِ أَن يُؤَثِّرَ فِي الصَّلَاةِ، ولُطْفُهُ بِالنِّسْبَةِ إِلى كَمَالِ هَيْئَتِهَا.

وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَن يَكُونَ النَّظَرُ فِي المسأَلة بِالنِّسْبَةِ إِلى اتِّصَافِ الْعَمَلِ بِمَا يُؤَثِّرُ فِيهِ، أَو لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ. فإِذا غَلَبَ الوصف على العمل؛ كان أَقربَ


="صوابه ـ والله أعلم ـ: أن الصفة هي عين الموصوف"، وهذا هو المثبت في (ت).
(١) في (غ) و (ر) و (م): "فرضت".
(٢) في (ت): "الأصلي"، والمثبت من باقي النسخ، وعلق رشيد رضا على هذا الموضع بقوله: كذا! ولعلها: "الأصلي"، أو: "في الأصل".اهـ.
(٣) قوله: "أيضاً" سقط من (ت).
(٤) قوله: "الذكر" سقط من (خ) و (م) و (ت).
(٥) في (خ): "الجهر".
(٦) كما في "البيان والتحصيل" (١/ ٢٩٦).
(٧) قوله: "حتى" سقط من (خ) و (م) و (ت).
(٨) في "البيان": "مسمتاً".
(٩) في (خ) و (م): "إلينا".
(١٠) قوله: "ذلك عليه" سقط من (خ) و (م).
(١١) من قوله: "قد عرف" إلى هنا في موضعه بياض في (ت).