للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَجَعَلَ صَوْمَ تِلْكَ الأَيام مِنْ تَعْظِيمِ مَا تعظِّمه النصارى (١)، وذلك (٢) القصد لو كان (٣)؛ أَفسدَ (٤) العبادة، فَكَذَلِكَ مَا كَانَ نَحْوَهُ.

وَعَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ: أَن رَجُلًا قَالَ لِلْحَسَنِ (٥): يَا أَبا سَعِيدٍ! مَا تَرَى فِي مَجْلِسِنَا هَذَا؟ قَوْمٌ مِنَ أَهل السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، لَا يَطْعَنُونَ عَلَى أَحد نَجْتَمِعُ (٦) فِي بَيْتِ هَذَا يَوْمًا، وَفِي بَيْتِ هَذَا يَوْمًا، فنقرأُ كِتَابَ اللَّهِ وَنَدْعُو ربنا، ونصلي على النبي صلّى الله عليه وسلّم (٧)، وَنَدْعُو لأَنفسنا وَلِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: فَنَهَى الْحَسَنُ عَنْ ذَلِكَ أَشد النَّهْيِ (٨).

وَالنَّقْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرٌ، فَلَوْ لَمْ يَبْلُغِ؛ الْعَمَلُ الزَّائِدُ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ كَانَ أَخف، وَانْفَرَدَ الْعَمَلُ بِحُكْمِهِ، وَالْعَمَلُ الْمَشْرُوعِ بِحُكْمِهِ، كَمَا حَكَى ابْنُ وَضَّاحٍ عَنْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبي بَكْرَةَ؛ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ الأَسود بْنِ سَرِيع، وَكَانَ مَجْلِسُهُ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، فَافْتَتَحَ سُورَةَ بني إِسرائيل حتى بلغ {وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} (٩)، فَرَفَعَ أَصواتهم الَّذِينَ كَانُوا حَوْلَهُ جُلُوسًا، فجاءَ مُجَالِدُ بْنُ مَسْعُودٍ متوكِّئاً (١٠) عَلَى عَصَاهُ، فَلَمَّا رآه القوم قالوا: مرحباً، مَرْحَبًا (١١) اجْلِسْ. قَالَ: مَا كُنْتُ لأَجلس إِليكم، وإِن كان


(١) علق رشيد رضا رحمه الله على هذا الموضع بقوله: لعل الصواب: "المجوس"؛ فإنه من أعيادهم. اهـ.
(٢) في (خ): "وذاك".
(٣) علق رشيد رضا أيضاً هنا بقوله: "كان" تامّة؛ أي: لو وُجِد. اهـ.
(٤) في (ت): "لأفسد".
(٥) أي: البصري.
(٦) في (خ): "تجتمع".
(٧) من قوله: "وندعو ربنا" إِلى هنا سقط من (خ) و (م) و (ت).
(٨) أَخرجه ابن وضاح في "البدع والنهي عنها" رقم (٢٩) من طريق الربيع بن صَبيح، عن يونس بن عبيد به.
والربيع بن صَبيح: تقدم قريباً أنه صدوق سيء الحفظ.
(٩) سورة الإسراء، الآية: (١١١).
(١٠) كذا في (خ) و (ت)، وفي باقي النسخ: "فتوكأ"، وعند ابن وضاح: "يتوكأ".
(١١) قوله: "مرحباً" الثانية من (ر) و (غ) فقط، وهو موافق لما في المطبوع من "البدع والنهي عنها" لابن وضاح.