للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن وهب: قال لي (١) مَالِكٌ: وَقَدْ ضَرَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَبِيغًا حِينَ بَلَغَهُ مَا يَسأَل عنه من القرآن، وغير ذلك (٢). انتهى.

وَهَذَا الضَّرْبُ إِنما كَانَ لِسُؤَالِهِ عَنْ أُمورٍ مِنَ الْقُرْآنِ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا عَمَلٌ، وَرُبَّمَا نُقل عَنْهُ أَنه كَانَ يسأَل عَنِ السَّابِحَاتِ سَبْحًا، وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا وأَشباه ذَلِكَ، وَالضَّرْبُ إِنما يَكُونُ لِجِنَايَةٍ أَرْبَتْ (٣) عَلَى كَرَاهِيَةِ التَّنْزِيهِ؛ إِذ لَا يُسْتَبَاحُ دَمُ (٤) امرئٍ (٥) مُسْلِمٍ، وَلَا عرضُه بمكروه كراهية تنزيه (٦)، ووجه ضَرْبُهُ إِياه: خَوَّفَ الِابْتِدَاعِ فِي الدِّينِ؛ أَن يَشْتَغِلَ مِنْهُ (٧) بِمَا لَا يَنْبَني عَلَيْهِ عَمَلٌ، أَو أَن (٨) يَكُونَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً لِئَلَّا يَبْحَثَ عَنِ الْمُتَشَابِهَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ (٩)، وَلِذَلِكَ لَمَّا قَرَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا *} (١٠)؛ قَالَ: هَذِهِ الْفَاكِهَةُ، فَمَا الأَبّ؟ ثُمَّ قَالَ (١١): ما أمرنا بهذا.


(١) قوله: "لي" ليس في (خ) و (م) و (ت).
(٢) أخرجه ابن وضاح في "البدع والنهي عنها" (١٥٢). وإسناده معضل؛ مالك لم يلقَ عمر.
وقصة عمر مع صبيغ مشهورة جاءت عنه بأسانيد متعددة، أمثلها ما أخرجه الدارمي (١/ ٦٦)، والآجري في "الشريعة" (١/ ٢١٠) من طريق يزيد بن خصيفة، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ؛ قَالَ: أَتَى عُمَرَ ... ، فذكره.
قال الحافظ في "الإصابة" (٥/ ١٦٩: ترجمة صبيغ): إسناده صحيح.
وانظر: ترجمة صبيغ في "تاريخ ابن عساكر" (٢٣/ ٤٠٨).
(٣) كذا في جميع النسخ، غير أن ترتيب نقط الكلمة في (خ) أوهم أن تكون: "أرتب"، فعلق رشيد رضا عليها بقوله: في الأصل: "أرتب"، وهو تحريف ظاهر، والمعنى: أن الضرب لا يمكن أن يُرَتّب على كراهية التنزيه. اهـ.
(٤) في (خ): "ذم".
(٥) قوله: "امرئ" سقط من (ت).
(٦) في (غ) و (ر): "التنزيه".
(٧) في (ر) و (غ): "عنه" بدل "منه".
(٨) في (خ): "وأن".
(٩) علق رشيد رضا رحمه الله على هذا الموضع بقوله: "المشهور في قصة صبيغ: أنه كان يسأل عن المتشابهات، فيفتح بها باب التشكيك في القرآن، وأن عمر ضربه ثم نفاه من المدينة، وأمر باجتنابه لأجل ذلك. وقد ذكره الحافظ في القسم الثالث من الإصابة، وذكر ملخص الروايات في قصته مع عمر" اهـ.
(١٠) سورة عبس: الآية (٣١).
(١١) قوله: "قال" سقط من (ر) و (غ).