للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإِذاً لا (١) يَصِحُّ أَن يَكُونَ فِي الْبِدَعِ مَا هُوَ صغيرة ولا كبيرة (٢).

فَالْجَوَابُ: أَن ذَلِكَ يَصِحُّ بِطَرِيقَةٍ يُظْهِرُ إِن شاءَ الله أَنها تحقيق في تشعيب (٣) هَذِهِ المسأَلة.

وَذَلِكَ أَن صَاحِبَ الْبِدْعَةِ يُتَصَوَّر أَن يَكُونَ عَالِمًا بِكَوْنِهَا بِدْعَةً، وأَن يَكُونَ غَيْرَ عَالِمٍ بِذَلِكَ، وَغَيْرُ الْعَالِمِ بِكَوْنِهَا بِدْعَةً عَلَى ضَرْبَيْنِ، وَهُمَا: الْمُجْتَهِدُ (٤) فِي اسْتِنْبَاطِهَا وَتَشْرِيعِهَا، وَالْمُقَلِّدُ لَهُ فِيهَا. وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فالتأْويل يُصَاحِبُهُ فِيهَا وَلَا يُفَارِقُهُ إِذا حَكَمْنَا لَهُ بحكم أهل الإِسلام، فأما العالم بها فإنه لو لم يتأول لم يصح أن ينسب إلى أَهْلِ الْإِسْلَامِ (٥)، لأَنه مُصَادِمٌ لِلشَّارِعِ مُرَاغَمٌ لِلشَّرْعِ بِالزِّيَادَةِ فِيهِ، أَوِ النُّقْصَانِ مِنْهُ، أَو التَّحْرِيفِ لَهُ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ تأْويل كَقَوْلِهِ: هِيَ بِدْعَةٌ، وَلَكِنَّهَا مُسْتَحْسَنَةٌ، أَو يَقُولُ: إِنها بِدْعَةٌ، وَلَكِنِّي رأَيت فُلَانًا الْفَاضِلَ يَعْمَلُ بِهَا، أَو يأمر بِهَا (٦)، أَو يقِرُّ بِهَا، وَلَكِنَّهُ يَفْعَلُهَا لِحَظٍّ عاجل؛ كفاعل الذنب (٧) لقضاءِ حَظِّه (٨) العاجل مِنْ خَوْفٍ (٩) عَلَى حَظِّه (١٠)، أَو فِرَارًا مِنَ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ فِي اتِّبَاعِ السُّنَّةِ، كَمَا هُوَ الشأْن الْيَوْمَ فِي كَثِيرٍ مِمَّنْ يُشَارُ إِليه، وما أَشبه ذلك (١١).

وأَما غير العالم بها (١٢)، وهو (١٣) الواضع لها: فإِنه لا يمكن أَن


(١) قوله: "لا" ليس في (خ) و (م) و (ت).
(٢) قوله: "ولا كبيرة" ليس في (خ) و (م) و (ت).
(٣) في (خ) و (م): "تشغيب" وفي (ت): "تَشَعُّب"، وذكر في الحاشية أن في نسخة: "تشعيب".
(٤) في (خ) و (ت) و (م): "المجتهد والمقلد"، وفي هامش (ت) ما نصه: "أظن صوابه ـ والله أعلم ـ: بحذف المقلد الأول".
(٥) من قوله: "فأما العالم" إلى هنا سقط من (خ) و (م) و (ت).
(٦) قوله: "أو يأمر بها" سقط من (خ) و (ت).
(٧) في (ت): "كفاعل الذهب"، ثم صوبت في الهامش هكذا: "المذهب".
(٨) في (ر) و (غ): "حقه" بدل "حظه".
(٩) في (ت): "خوفاً" بدلاً من "من خوف".
(١٠) في (خ): "لِقَضَاءِ حَظِّهِ الْعَاجِلِ خَوْفًا عَلَى حَظِّهِ، أَوْ فراراً من خوف على حظه".
(١١) قوله: "وما أشبه ذلك" سقط من (ت).
(١٢) قوله: "بها" ليس في (خ) و (م) و (ت).
(١٣) قوله: "وهو" سقط من (ت).