للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَلَى ذَلِكَ التَّرْتِيبِ يُنظر فِيمَا قَالَهُ ابْنُ عبد السلام (١) من غير فرق، فيتبيّن (٢) مَجَالَ الْبِدْعَةِ فِي الْعَادِيَّاتِ (٣) مِنْ مَجَالِ غَيْرِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيضاً (٤) فِيهَا كَلَامٌ فَرَاجِعْهُ إِن احْتَجْتَ إِليه (٥).

وأَما وَجْهُ النَّظَرِ فِي أَمثلة الْوَجْهِ الثَّالِثِ (٦) مِنْ أَوجه دُخُولِ الِابْتِدَاعِ فِي الْعَادَاتِ (٧) عَلَى مَا أُريد تَحْقِيقُهُ: فَنَقُولُ: إِن مدار (٨) تِلْكَ الأَحاديث عَلَى بِضْعَ عَشْرَةَ (٩) خَصْلَةً، يُمْكِنُ ردُّها إِلى أُصول هِيَ كُلُّهَا أَو غَالِبُهَا بِدَعٌ، وَهِيَ: قِلّةُ الْعِلْمِ، وَظُهُورُ الْجَهْلِ، والشُّحُّ، وقبضُ الأَمانة، وتحليلُ الدِّماءِ، وَالزِّنَا، والحريرِ، والغِناءِ، والرِّبا والخمرِ، وكونُ المَغْنَمِ دُوَلاً، وَالزَّكَاةُ مَغْرِماً، وارتفاعُ الأَصوات فِي الْمَسَاجِدِ، وتقديمُ الأَحداث، ولَعْنُ آخرِ الأُمّةِ أَوَّلَها، وخروجُ الدَّجَّالِينَ، ومفارقةُ الْجَمَاعَةِ (١٠).

أَما قِلّةُ الْعِلْمِ، وَظُهُورُ الْجَهْلِ: فَبِسَبَبِ التفقُّه للدنيا (١١)، وهذا إِخبارٌ بمُقَدِّمةٍ نتيجتُها (١٢): الفُتيا بِغَيْرِ عِلْمٍ؛ حَسْبَمَا جاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "إِن اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ ... " (١٣)، إِلى آخِرِهِ (١٤)، وَذَلِكَ أَن النَّاسَ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ قائدٍ يَقُودُهُمْ في الدين بخزائمهم (١٥)، وإِلا


(١) تقدم (ص٤١٦ ـ ٤١٧).
(٢) في (ت) و (خ) و (م): "فتبين".
(٣) في (م): "العديات".
(٤) انظر (ص٣٢١ و٣٢٥ فما بعد) من المجلد الأول.
(٥) قوله: "إن احتجت إليه" ليس في (ت).
(٦) أي المتقدم (ص٤١٩).
(٧) في (ت) و (خ): "العاديات".
(٨) في (خ) و (م): "مدارك". بدل "مدار"، وكذا في أصل (ت)، ثم صوبت في الهامش.
(٩) في (ت): "عشر".
(١٠) انظر: حديث علي رضي الله عنه صفحة (٤٢٣).
(١١) علق رشيد رضا هنا بقوله: لعله: "التفرغ للدنيا".اهـ.
ولا داعي لهذا الاستدراك، فكلام المصنف لا غموض فيه.
(١٢) في (خ): "نتجتها".
(١٣) تقدم تخريجه صفحة (٤٣٢).
(١٤) في (ت): "إلى آخر الحديث".
(١٥) في (خ): "بحرائمهم"، وفي (ت) و (م): "بجرائمهم" وتقدم تعريف الخزامة (ص٣٣٤).