للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلى أَن يَدْخُلَ فِي الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي ظَاهِرُهَا الْجَوَازُ، وَبَاطِنُهَا الْمَنْعُ؛ كَالرِّبَا، والسَّلَف الَّذِي يَجُرّ النَّفْع (١)، فَيُجْعَلُ بَيْعًا فِي الظَّاهِرِ، وَيَجْرِي فِي النَّاسِ شَرْعًا شَائِعًا، وَيَدِينُ (٢) بِهِ الْعَامَّةُ، وَيَنْصِبُونَ هَذِهِ الْمُعَامَلَاتِ مَتَاجِرَ، وأَصلها الشُّحّ بالأَموال، وحُبّ الزَّخَارِفِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَالشَّهَوَاتِ الْعَاجِلَةِ، فإِذا كَانَ كَذَلِكَ؛ فبالحَرِيّ (٣) أَن يَصِيرَ ذَلِكَ ابْتِدَاعًا فِي الدِّينِ، وأَن يُجعل مِنْ أَشراط السَّاعَةِ.

فإِن قِيلَ: هَذَا انْتِجَاعٌ (٤) مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ، وتكلُّفٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ.

فَالْجَوَابُ: أَنه لَوْلَا أَن (٥) ذَلِكَ مَفْهُومٌ مِنَ الشَّرْعِ لَمَا قِيلَ بِهِ.

فَقَدْ رَوَى أَحمد فِي "مُسْنَدِهِ" (٦) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما


(١) في (م): "المنع".
(٢) في (ت): "وتدين".
(٣) في (خ): "فالجري".
(٤) المعنى: أن هذا استنباط بعيد. والانْتِجاع: طلب الكلأ ومساقط الغيث؛ كما في "النهاية" (٥/ ٢١)، و"لسان العرب" (٨/ ٣٤٧)؛ وذلك بالتكلّف في طلبه عن بعد.
(٥) قوله: "أن" سقط من (ر) و (غ).
(٦) (٢/ ٢٨ رقم ٤٨٢٥) من طريق أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر، به.
وأخرجه الطرسوسي في "مسند ابن عمر" (٢٢)، والطبراني في "الكبير" (١٢/ ٤٣٢ رقم ١٣٥٨٣)، والبيهقي في "الشعب" (٤٢٢٤)، ثلاثتهم من طريق أبي بكر بن عياش، به.
قال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (٥/ ٢٩٥ ـ ٢٩٦): "حديث صحيح رجاله ثقات".
وتعقَّب الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (٣/ ٤٥ رقم ١١٨٣) ابن القطان بقوله: "وعندي: أن إسناد الحديث الذي صححه ابن القطان معلول؛ لأنه لا يلزم من كون رجاله ثقات أن يكون صحيحاً؛ لأن الأعمش مدلِّس، ولم [يذكر] سماعه من عطاء، وعطاء يحتمل أن يكون عطاء الخراساني، فيكون منه تدليس التسوية؛ بإسقاط نافع بين عطاء وابن عمر، فرجع الحديث إلى الإسناد الأول، وهو المشهور".اهـ.
وقول الحافظ عن عطاء المذكور هنا: "يحتمل أن يكون عطاء: الخراساني": ينفيه التصريح في بعض الطرق بأنه ابن أبي رباح!.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (٣/ ١٣٣): "وهذان إسنادان=