للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَقَدْ حَكَى بَعْضُ مُؤَلِّفِي الْوَقْتِ؛ قَالَ: حَدَّثَنِي شيخنا أَبو الحسن بن الجياب رحمه الله (١)؛ قَالَ: لَمَّا أُمر بالتأَهُّب يَوْمَ قَتْلِهِ وَهُوَ فِي السِّجْنِ الَّذِي أُخرج مِنْهُ إِلى مَصْرَعِهِ؛ جهر بتلاوة سورة {يس *}، فقال له أَحد الدَّعَرَةِ (٢) ممن جمع السجن بينهما: واقرأ (٣) قرآنك، لأَي شيءٍ تَتَطَفَّلْ (٤) على قرآننا (٥) اليوم (٦)؟ أَو ما (٧) فِي مَعْنَى هَذَا، فَتَرَكَهَا مَثَلًا بِلَوْذَعِيَّتِهِ (٨).

وأَما مفارقة الجماعة: فبدعتها ظاهرة، ولذلك يُجَازَى (٩) بالمِيْتَةِ الجاهلية (١٠)، وقد ظهر هذا (١١) فِي الْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُمْ؛ كَالْعُبَيْدِيَّةِ وأَشباههم.

فهذا أَيضاً مِنْ جُمْلَةِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الأَحاديث، وباقي


=ويطالبه من باب الشرع، ففعل، فثبت عليه الحدّ، وحكم بقتله، فضُرب بالسيف، فلم يَجُلْ فيه، فقال أبو جعفر: جرِّدوه، فوجدوا جسده مكتوباً، فغسل، ثم وجد تحت لسانه حجراً لطيفاً فنزعه، فجال فيه السيف حينئذٍ. اهـ.
(١) هو: علي بن محمد بن سليمان، أبو الحسن ابن الجياب الأنصاري، الغرناطي، من مشايخ لسان الدين ابن الخطيب صاحب كتاب "الإحاطة"، مولده عام ثلاث وسبعين وستمئة، وتوفي سنة تسع وأربعين وسبعمئة. انظر ترجمته في "الديباج المذهب" (٢/ ١١١ رقم ٢٠)، و"نفح الطيب" (٥/ ٤٣٤).
(٢) في (خ): "الذعرة"، وفي (م): "الزعرة". والمقصود: أحد الفسّاق الفجرة. انظر "لسان العرب" (٤/ ٢٨٦).
(٣) في (ت): "اقرأ".
(٤) في (م) و (خ): "تتفضل" بدل "تتطفل".
(٥) في (غ): "قراءتنا".
(٦) قوله: "اليوم" سقط من (ت).
(٧) قوله: "ما" ليس في (خ) و (ت).
(٨) في (ت): "فتركها امتثالاً للوذعيته"، وذكر في الهامش أن في نسخة: "فتركها مثلاً بلوذعيته".
واللَّوْذَعي: هو الظريف الحديد الفؤاد واللسان. انظر "لسان العرب" (٨/ ٣١٧).
(٩) علق رشيد رضا على هذا الموضع بقوله: أي: يجازى مفارقها، ولعل الفاعل قد سقط من الأصل بسهو الناسخ. اهـ.
(١٠) لما جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري (٧٠٥٣)، ومسلم (١٨٤٩)، عن ابن عباس مرفوعاً: " ... فإنه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية".
(١١) قوله: "هذا" ليس في (خ) و (م) و (ت).