للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العمري: لا أدري، فقال مَالِكٌ: لَكِنِّي أَنَا أَدْرِي، إِنَّمَا كَانَتِ الْبَيْعَةُ لِيَزِيدَ بَعْدَهُ، فَخَافَ عُمَرُ إِنْ وَلَّى رَجُلًا صَالِحًا أَنْ لَا يَكُونَ لِيَزِيدَ بُدٌّ مِنَ الْقِيَامِ، فَتَقُومُ هَجْمَةٌ، فَيَفْسَدُ مَا لَا يُصْلَحُ، فَصَدَرَ رَأْيُ هَذَا الْعُمَرِيِّ (عَلَى رَأْيِ) (١) مَالِكٍ.

فَظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ إِذَا خِيفَ عِنْدَ خَلْعِ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ، وَإِقَامَةِ الْمُسْتَحِقِّ أَنْ تَقَعَ فِتْنَةٌ وَمَا لَا يَصْلُحُ، فَالْمَصْلَحَةُ فِي التَّرْكِ.

وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا خَلَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ حَشَمَهُ وَوَلَدَهُ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ/ الْقِيَامَةِ) وَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعَةِ/ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْكُمْ خَلْعَهُ وَلَا تَابَعَ/ فِي هَذَا الْأَمْرِ إِلَّا كَانَتِ الْفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ (٢).

(قَالَ) (٣) ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْخَيَّاطِ: إِنَّ بَيْعَةَ عَبْدِ اللَّهِ لِيَزِيدَ كَانَتْ كُرْهًا، وَأَيْنَ يَزِيدُ مَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَلَكِنْ رَأَى بِدِينِهِ وَعِلْمِهِ التَّسْلِيمَ لِأَمْرِ اللَّهِ وَالْفِرَارَ عَنِ التَّعَرُّضِ لِفِتْنَةٍ فِيهَا مِنْ ذَهَابِ الأموال والأنفس ما لا يخفى، (بخلع) (٤) يَزِيدَ، (لَوْ) (٥) تَحَقَّقَ أَنَّ الْأَمْرَ يَعُودُ فِي نصابه، فكيف ولا يعلم ذلك؟ (قال) (٦): وَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ فَتَفَهَّمُوهُ (وَالْزَمُوهُ) (٧) تَرْشُدُوا إِنْ شاء الله.


(١) في (غ) و (ر): "عن".
(٢) قصة ابن عمر والحديث الذي رواه، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٨ ١٥٩ ـ ١٦٠)، (٩ ١٤٢ ـ ٣٢٠)، وقد روى الحديث عدد من الصحابة، انظر البخاري كتاب الجزية والموادعة، باب إثم الغادر للبر والفاجر برقم (٣١٨٦ ـ ٣١٨٨ و٦١٧٧ ـ ٧١١١، ٦٩٦٦، ٦١٧٨)، ومسلم (٣ ١٣٥٩ ـ ١٣٦١)، من رقم (١٧٣٥ ـ ١٧٣٨)، والترمذي برقم (٢١٩١، ١٥٨١)، وابن ماجه برقم (٢٨٧٣، ٢٨٧٢)، وأبو داود برقم (٢٧٥٦).
(٣) في (غ) و (ر): "بياض بمقدار كلمة".
(٤) في (ط) و (م) و (خ): "فخلع".
(٥) في (م): "أو". وفي (ت): "و".
(٦) زيادة من (غ) و (ر).
(٧) في (غ) و (ر): "والتزموه".