للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاته على حسب ما يستهل له، فيقع فيما يكتبه تقديم وتأخير من هذا الوجه». قال:

«وليس يقدح في الثقة بالقرآن أن كانت السور متفرقة على غير ولاء، بعد أن كانت معروفة عند عامّتهم، محفوظة عن أن يزاد فيها أو ينقص، كما أنه ليس يقدح في قصائد زهير والأعشى وغيرهما من الشعراء أن تكون قصائدهم متفرقة، ثم تجمع بين دفتين فتقدم قصيدة وتؤخر أخرى» (١).

أما الاختلاف بالزيادة والنقص- فيما وراء الأحرف السبعة- أو بعبارة أدق:

الاختلاف بالنقص، فلم يكن له وجود، ومن ظن ذلك فقد غفل عن النقطة التي أشرنا إليها، وهي أن هذه الصحف صحف خاصة، وربما دوّن صاحبها على صحيفة من الصحف دعاء أو حديثا وهو يأمن أنه ليس من القرآن، أو ترك تدوين سورة يعلم أنها من القرآن ... فمصحف ابن مسعود- على سبيل المثال- زعم بعضهم أنه كان يخلو من سورة الحمد! قال ابن قتيبة: «وكيف يظن به ذلك وهو- أي ابن مسعود من أشد الصحابة عناية بالقرآن؟ ولكن ذهب فيما يظن أهل النظر إلى أن القرآن إنما جمع وكتب بين اللوحين مخافة الشك والنسيان والزيادة والنقصان، ورأى ذلك لا يجوز على سورة الحمد- فاتحة الكتاب- ... فلما أمن عليها العلّة التي من أجلها كتب المصحف ترك كتابتها وهو يعلم أنها من القرآن» (٢).

غير أن تعدد المصاحف بجوار مصحف أبي بكر، وانتشار القراء في الأمصار، تسبب في تعدد القراءات، واختلاف القراء. فكانت الحلقة الثالثة أو المرحلة الأخيرة من مراحل جمع القرآن الكريم، أو من مراحل توثيقه ونشره، قام بها عثمان بن عفان- رضي الله عنه-. وفي ذلك يروي لنا البخاري الخبر التالي:


(١) «مقدمتان في علوم القرآن» ص ٣٢ - ٣٣.
(٢) تأويل مشكل القرآن ص ٤٧ تحقيق وشرح السيد أحمد صقر رحمه الله.

<<  <   >  >>