وليس هنالك أدنى خلط أو تداخل بين القرآن والسنّة القولية، أو بين القرآن والسيرة وتاريخ الأصحاب- عليهم الرحمة والرضوان-. بل إن من الملاحظ- كما سنشير إلى ذلك عند الكلام على الوحي- أن القرآن الكريم نادرا ما يتحدث عن تاريخ «محمد» - صلّى الله عليه وعلى آله- الإنسان، وعن آلامه العظمى، أو مسرّاته التي لم ترد فيه قط!!
ونستطيع أن نؤكد بعد ذلك أن هذا التمييز المطلق الذي نملكه الآن، والذي حرص النبيّ صلى الله عليه وسلم على تأكيده حين نهى عن كتابة القرآن والحديث في صحيفة واحدة، تفتقر إليه الديانات والكتب السماوية السابقة التي يختلط فيها النص الإلهي المنزل أو الموحى به، حتى إنه لا يبين ... بأقوال النبيّ ومواعظه وأخباره وسيرته مع أصحابه ومع الناس. والتي وردت فيها صفحات مطوّلة، أو (أسفار) كثيرة في الأدب والتاريخ!
ثانيا- مقارنة سريعة مع هذه الكتب السماوية:
ويكفينا عند المقارنة، من أجل تأكيد هذه الملاحظة: أن نعرّف فقط بالتوراة والإنجيل، لنقف على مدى الخلط الذي آل إليه (الوحي) أو الكتاب الذي نزل على موسى وعيسى- على نبيّنا وعليهما الصلاة والسلام-. ولكن لا بد من الإشارة إلى (الزيادات) أو الملحقات التي أضيفت إلى هذين الكتابين- فضلا عن التحريف والتبديل الذي لحق بهما- لأن هذه الزيادات تبرز بدورها، أو تؤكد مدى ضياع النص الإلهي الموحى به، ومدى الإغراق الذي أصابه في خضم هذه الزيادات والملحقات التي غلبت على (الأصل)! ومدى الخلط الذي حصل في مصادر الدين والتشريع في تاريخ اليهودية والمسيحية ... حيث جمعت هذه المصادر على صعيد واحد بين الوحي المنزل، وخطب الأنبياء وأحاديثهم وأمثالهم ومواعظهم، وسيرتهم وحياتهم، وأعمال الرسل، وحياة الحواريين أو الأصحاب، وحياة الملوك، وتاريخ بني إسرائيل!