موضوع واحد، أو التي تواردت عليه، بغض النظر عن أسباب هذا التجزي.
ثالثا- الظلال وشروط التفسير المعاصر:
وإذا ربطنا أخيرا بين هاتين الملاحظتين وبين حديثنا السابق عن التفسير بالمأثور أدركنا الأهمية القصوى لكتابة تفسير للقرآن الكريم يمتاز بثلاثة أمور:
الأمر الأول: انطلاقه- أو ملاحظته- للغرض الأساس الذي نزل القرآن الكريم من أجله، والمتمثل- كما قلنا- في إنشاء أمة لها خصائصها ومميزاتها، وتربية جيل على قواعد من التربية الربانية تجعله صورة ناطقة عن الحق الذي نزل به القرآن. كل ذلك بما يتناسب- في هذا العصر- مع انفراط عقد الأمة والدولة الإسلامية، ومع انتقاص الإسلام من أطرافه والعدوان على شريعته وأحكامه في ظل المناخ العلماني السائد الذي فصل في واقع حياة المجتمعات الإسلامية بين (الدين) ونظام الحياة. بل بما يذكّر بظروف نشأة الإسلام الأولى، والمسلمون قلة؛ وأعداء الإسلام يتربصون بهم وبدعوتهم الدوائر؛ وبحيث لا يكون الانطلاق من فكرة تقديم زاد ثقافي للمسلم، بل إعادة صياغته وفقا لمنهج كتاب الله تعالى.
الأمر الثاني: تسجيله لمعاني القرآن التي فهمها الصحابة- رضوان الله عليهم-، واستلهموها وعاشوا تطبيقها العملي الذي لم يعرف تفريقا بين النظرية والتطبيق- كما قلنا (١) - والتي يمكن الاهتداء إليها- في المقام الأول- في ضوء اختلاف التنوع فيما أثر عنهم من كلام مكتوب. ثم في ضوء الاهتمامات العملية لحركة المجتمع في مواجهة أعدائه .. لتكون كلمة الله هي العليا، كما تتضح في موقف الصحابة- على سبيل المثال- يوم بني قريظة، حين عجل بعضهم صلاة العصر وأخّرها البعض الآخر!