قلنا في الفقرة السابقة في تعريف القرآن، إنه كلام الله تعالى، المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ... وهذا يقتضينا أن نعرض بعد ذلك، لزاما واختصارا، لإثبات أنه من كلام الله تعالى ... غير أن الأدلة هنا واسعة ومتشعبة ومترامية الأطراف ... بل إن أطرافها لا تحصى فقط بمناهج الدارسين والباحثين، على اختلاف أساليبهم ووسائلهم وتنوع ثقافتهم ومعارفهم، ... في القديم والحديث، حتى ينضاف إليها رحابة الموضوعات القرآنية ذاتها وسعة آفاقها ... وفهمها المتجدد الذي لا يبلى، والذي يحمل في كل يوم دليلا آخر على مصدر القرآن الكريم، وأنه تنزيل من رب العالمين.
ولهذا، فقد رأيت أن أعرض لهذا الموضوع من زاويتين اثنتين: الأولى ظاهرة الوحي، وهي الظاهرة التي جرت العادة بعدم إغفالها في كتب علوم القرآن، أو في أي مدخل للتفسير وعلومه. والثانية: حياة النبيّ صلى الله عليه وسلم كدليل على ذلك المصدر، وأن الدور الأساسي للنبيّ صلى الله عليه وسلم في هذا القرآن هو «الحكاية والتبليغ».
ونذكّر هنا- على أية حال- بأن هاتين النقطتين أو الزاويتين ليستا أكثر من مدخل إلى هذا البحث وإشراف على ساحته. وأن كثيرا من موضوعاتنا القادمة، وبخاصة موضوع الإعجاز، والخصائص الأدبية والأسلوبية وطريقة القرآن في