بعضهم، أخذا من موضوعها، وهي قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً وذلك لأن هذه الآية نزلت في يوم عرفة من حجة الوداع في السنة العاشرة من الهجرة، وقد عاش النبيّ- صلوات الله عليه- بعدها واحدا وثمانين يوما، في حين لم يكن بين وفاته- عليه السلام- وبين نزول آية: وَاتَّقُوا يَوْماً ... سوى تسع ليال فقط!
وإكمال الدين في الآية المذكورة يراد منه- كما قال بعض المفسرين- إقرارهم بالبلد الحرام وإجلاء المشركين عنه، حتى حجّه المسلمون لا يخالطهم المشركون. يؤيد هذا ما روي عن ابن عباس قال:«كان المشركون والمسلمون يحجّون جميعا، فلما نزلت سورة براءة نفي المشركون عن البيت، وحج المسلمون لا يشاركهم في البيت الحرام أحد من المشركين» فكان ذلك تمام النعمة. والله تعالى أعلم.
ثالثا- الحكمة من تنجيم القرآن:
لتنجيم القرآن- أي لنزوله مفرقا على دفعات، وفي هذه المدة الطويلة التي أشرنا إليها- فوائد وحكم كثيرة، بعضها يتصل بشخص النبيّ صلى الله عليه وسلم، وبعضها الآخر يتصل بالمجتمع الإسلامي الوليد الذي كانت تتنزل عليه الآيات .. وبعض هذه الحكم يتصل بالنص القرآني نفسه؛ ونجمل هنا القول في هذه الحكم بما يلي:
١ - تثبيت فؤاد النبيّ صلى الله عليه وسلم، وإمداده بأسباب القوة والمجابهة أمام حملات المشركين ودسائس المنافقين، فتجديد الوحي يوما بعد يوم وحالا بعد حال، يمثل لونا من ألوان الرعاية الإلهية التي تمده بأسباب الثبات والمضي فيما اختاره الله له، ولهذا فإن المشركين عند ما اقترحوا أن ينزل القرآن جملة واحدة، كما هي الحال في الكتب السابقة، رد عليهم سبحانه بما في هذا التنجيم من حكمة، فقال تعالى: