ويلاحظ أن لبعض ألفاظ السورة جرسا موسيقيا واضحا مناسبا لمعناها مثل (قدحا ونقعا) المناسبة لوقع حوافر الخيل و (بعثر) المناسبة لانتشار أجساد الموتى بعد خروجها من الأرض، ومثل (حصّل) الدالة بصادها المشددة على شدة التقصّي والجمع!
فموسيقى النص في جملتها وتفصيلها، أي في نغمة الجمل وجرس الألفاظ وفواصل الآيات، مناسبة للمشهد والأفكار ومقابلة لها، وتتنوع بتنوعها وتنسجم بانسجامها.
.. والخلاصة:
إنّ هذه السورة تضمنت موضوعا أساسيا هو مسئولية الإنسان العظمى، وأفكارا أخرى أحاطت به؛ من وجود الله، وحدوث البعث، ونفسية الإنسان، وصراعه في هذه الحياة. وكلها أفكار أساسية في الحياة، تسمو بالقارئ إلى مستوى عال من التفكير والشعور.
وكان عرضها عرضا منطقيا جميلا قويّا، قوامه مشاهد من الحياة الواقعية المحسوسة، والحياة الأخرى المغيبة، والإنسان في صورته النفسية معروض بينهما، وكان هذا العرض المستند إلى التصوير الحسي والتحليل النفسي قويا سريعا موجزا، اشترك فيه الفكر والخيال والحس، وتعاونت الألفاظ والتراكيب، فجاء نثرا فنيا كاملا، ليعبر عن أخطر مسألة في حياة الإنسان وهي «مسألة المصير والمسئولية»(١).
(١) دراسة أدبية لنصوص من القرآن لأستاذنا محمد المبارك- رحمه الله تعالى- ص ١٠ - ٢٠ «باختصار قليل».