رابعا- أسماء أخرى للقرآن، ولون آخر من ألوان الحفظ:
نعود بعد هذا الحديث، أو هذه الإلمامة السريعة عن الكتب السماوية السابقة، والتي كان لا بد منها لبيان حقيقة المزية الإسلامية، أو للوقوف على طرف من هذه المزية التي تفرد بها القرآن الكريم في تاريخ النبوات والكتب السماوية.
نعود لتأكيد هذه المزية- مزية الحفظ والخلود- التي ذهب بها القرآن في هذا التاريخ، نفاذا للتكفل الإلهي ووعد الله سبحانه الذي لا يتخلّف ... وذلك من خلال الإشارة إلى بعض أسماء القرآن الكريم التي سمّى الله تعالى بها كتابه. ودلالة هذه الأسماء على أعلى درجات الحفظ والتوثيق التي هيأها الله سبحانه وتعالى لكتابه الكريم، والتي سنقف على دلالتها وتطبيقاتها في المبحث الخاص- القادم- بجمع القرآن وتدوينه.
سمّى الله تعالى القرآن الكريم بأسماء أخرى كثيرة من أشهرها: الذّكر، والتنزيل، والكتاب، والفرقان. وقد ورد اسم «الكتاب» في عدد من الآيات القرآنية الكريمة، قال الله تعالى في أول سورة البقرة: الم (١). ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ. وقال تعالى في أول سورة الكهف: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (١) وقال تعالى: طسم (١). تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ- سورة الشعراء-.
و «الفرقان» مصدر أطلق على القرآن فصار علما عليه، كما يقول بعض العلماء؛ قال تعالى: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (١)[الآية الأولى من سورة الفرقان]. والراجح أن هذا المصدر استعمل بمعنى اسم الفاعل، أي أنه كلام فارق بين الحق والباطل.
وقد قيل في تعليل تسمية القرآن «قرآنا» و «كتابا» أن التسمية الأولى روعي فيها كونه متلوا بالألسن، كما روعي في التسمية الثانية- الكتاب- كونه مدونا