للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المجال لقراءة القرآن بأي من الحروف السبعة التي نزل عليها، وبذلك لم يسقط عثمان- رضي الله عنه- شيئا من قراءات القرآن، ولم يمنع أحدا من القراءة بأي حرف شاء ما دامت هذه الحروف كلها منقولة بالتواتر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، ورسول الله يقول: «فأيّ ذلك قرأتم أصبتم فلا تماروا» كما سنوضح ذلك في بحث الأحرف السبعة.

(أ) فإن كان في الكلمة الواحدة أكثر من قراءة، وكان رسمها يقرأ بأكثر من وجه عند تجردها من النقط والشكل، وبجميع القراءات، رسمت في جميع المصاحف برسم واحد، نحو قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [سورة الحجرات، الآية ٦]. فقد كانت تكتب «فسوا» وتصلح أن تقرأ «فتثبتوا» وهي قراءة أخرى. وكذلك كلمة «ننشزها» من قوله تعالى: وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها [سورة البقرة، الآية ٢٥٩] فإنّ تجرّدها من النقط والشكل يجعلها صالحة لأن تقرأ «ننشرها» وهي قراءة معروفة أيضا.

فإن قيل إن الرسم العثمان الخالي من الشكل والنقط، يتيح المجال للكثير من الألفاظ القرآنية أن تقرأ بأكثر من وجه واحد، فهل تجوز القراءة بهذه الوجوه؟

قلنا إن الأمثلة المذكورة التي صلح الرسم فيها للقراءتين المذكورتين إنما جاز القراءة فيهما لورود الدليل القاطع على صحة القراءة بهما؛ إما لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بهما، أو لأن أحد الصحابة قرأ بأحدهما بحضوره فأقرّه النبيّ ولم ينهه عن ذلك. أما ما وراء ذلك فلا تجوز القراءة فيه بغير الوجه الواحد المروي بطريق التواتر. ولذلك اعتبرت قراءة «شاذة» كل ما وجد عليها دليل آحادي غير متواتر ولو صلح الرسم للقراءة بها، كقراءة: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ برفع لفظ الجلالة ونصب كلمة «العلماء» فهي قراءة شاذة، لأن القراءة المروية عن الثقات؛ بنصب لفظ الجلالة ورفع العلماء.

<<  <   >  >>