للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتتجدد الحركات، وينسى المستمع أن هذا كلام يتلى، ومثل يضرب، ويتخيل أنه منظر يعرض، وحادث يقع. فهذه شخوص تروح على المسرح وتغدو، وهذه سمات الانفعال بشتى الوجدانات المنبعثة من الموقف، المتساوقة مع الحوادث، وهذه كلمات تتحرك بها الألسنة فتنمّ عن الأحاسيس المضمرة.

«إنها الحياة هنا، وليست حكاية الحياة!».

ثم يقول:- وهذا هو الأمر الذي ربط به سيد فكرته بقضية الإعجاز- «فإذا ذكرنا أن الأداة التي تصوّر المعنى الذهني والحالة النفسية، وتشخّص النموذج الإنساني أو الحادث المرئي، إنما هي ألفاظ جامدة، لا ألوان تصوّر، ولا شخوص تعبّر أدركنا موضع الإعجاز في تعبير القرآن» (١).

وقد تحدث سيد قطب- رحمه الله- عن آفاق هذا التصوير الفني في القرآن، فذكر «أنه تصوير باللون، وتصوير بالحركة، وتصوير بالإيقاع ... » (٢)

وقال: «وكثيرا ما يشترك الوصف والحوار، وجرس الكلمات، ونغم العبارات، وموسيقى السياق، في إبراز صورة من الصورة، تتملاها العين والأذن، والحس والخيال، والفكر والوجدان»، ووصف هذا التصوير بأنه «تصوير حي منتزع من عالم الأحياء، لا ألوان مجردة وخطوط جامدة. تصوير تقاس الأبعاد فيه والمسافات بالمشاعر والوجدانات. فالمعاني ترسم وهي تتفاعل في نفوس آدمية حية، أو في مشاهد من الطبيعة تخلع عليها الحياة» (٣).

ونكتفي هنا ببعض النماذج على مسائل التصوير البارزة، أو الموضحة لهذه القاعدة الهامة:


(١) التصوير الفني في القرآن- دار المعارف- ص ٣٣.
(٢) المرجع السابق ص ١٠٢.
(٣) المرجع السابق ص ٣٢.

<<  <   >  >>