عمران، الآية ١٨٥]. فلا ترى في المعجم كلمة غير «زحزح» تصور مشهد الإبعاد والتنحية بكل ما يقع في هذا المشهد من أصوات، وما يصاحبه من ذعر الذي يمر بحسيس النار ويسمعه ويكاد يصلاه!
ولا أحسبك إلا مستشعرا عنف لفظ الكبكبة في قوله تعالى: فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ (٩٤) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (٩٥)[سورة الشعراء، الآيتان ٩٤ - ٩٥] حتى لتكاد تتصور أولئك المجرمين يكبون على وجوههم أو على مناخرهم، ويلقون إلقاء المهملين، فلا يقيم أحد لهم وزنا» (١)!
أما الحديث عن هذا الإعجاز في النغم والموسيقى الداخلية في الآية الواحدة أو السورة الكاملة فيمكن أن يعرض له عند الحديث عن الفاصلة والسجع وبعض الملامح الفنية الخاصة عند شرح الآيات وتفسير النصوص.
وأخيرا فقد لخص بعض الباحثين ما قيل حول الإعجاز، أو النظم الموسيقى، بوصفه واحدة من مزايا أسلوب القرآن بوجه عام، وبغض النظر عن القدر الذي يفسره من قضية الإعجاز الكبرى أو الأساسية؛ لخصه بأنه يتجلى في:
نظام القرآن الصوتي، وجماله اللغوي.
(أ) أما نظام القرآن الصوتي، فقد عنى به: «اتساق القرآن الكريم، وائتلافه في حركاته وسكناته، ومدّاته وغنّاته، واتصالاته وسكتاته، اتساقا عجيبا. وائتلافا رائعا يسترعي الأسماع ويستهوي النفوس، بطريقة لا يمكن أن يصل إليها أي كلام آخر من منظوم ومنثور. وبيان ذلك أن من ألقي إلى سمعه مجموعة القرآن الصوتية الساذجة المؤلفة من تلك المدّات والغنّات، والحركات والسكنات، والاتصالات والسكتات ... يشعر من نفسه حتى لو كان أعجميا لا يعرف العربية- بأنه أمام لحن غريب وتوقيع عجيب، يفوق في حسنه وجماله كل ما عرف من توقيع