المفسّرين أنها تحمل- في إشارة أخرى- اعتذارا عن عبد الله بن أمّ مكتوم الذي اقتحم على النبيّ مجلسه مع القوم!
وهذا كلّه من حيث المعنى، أما من حيث دور هذه الكلمة في بناء الفواصل مع كلمة «تولّى» ثم مع سائر فواصل الآيات الكريمة «يزّكّى، الذّكرى، استغنى ... » فأوضح من أن يشار إليه ...
ونكتفي بالحديث عن هاتين الفاصلتين، تاركين الكلام في سائرها إلى موضعه من باب التفسير إن شاء الله. وإذا أردت أن تتابع بنفسك نمطا من هذا القبيل- في ضوء ما تقف عليه من كتب التفسير- فإني أحيطك علما بأن في وسعك أن تكتب في كلمتي «يسعى، يخشى» قريبا مما كتبت لك؛ لأن سعي الأعمى في طرقات المدينة صوّر حالته الجسمية، وهو أمر ليس بالقليل في ميزان الله، ولأن كلمة «يخشى» صوّرت حالته الإيمانية الداخلية التي دفعته إلى ذلك السعي الذي لا يستوي فيه مع البصير!! وسبحان ذلك المقام الذي كانت تتنزّل منه هذه الآيات البيّنات ...
(ب) الشاهد الثاني: قال الله تعالى في سورة الحاقة في وصف القرآن الكريم: وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ، قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ (٤٢)[الآيتان ٤١ - ٤٢].
ونقف هنا، سريعا، أمام الفاصلة موضوع البحث، وهي الكلمة التي تختم بها الآية، دون الفاصلة الأخرى الواضحة في هاتين الآيتين .. جاءت فاصلة الآية الأولى:«تؤمنون» وفاصلة الآية الثانية «تذكّرون» فتم بهما التنويع والتلوين في النغم والنظم الموسيقى، وكانت الآية الأولى يناسبها من حيث المعنى أن تختم بما ختمت به لأن انفصال القرآن ومخالفته لنظم الشعر أمر واضح بيّن؛ فمن نسب القرآن إلى الشعر فقد قال ما قال كفرا وعنادا خالصا ... أو: لم يحمله على ذلك القول إلا الكفر والعناد، فناسب ذلك أن تختم الآية بقوله:«قليلا ما تؤمنون»!! أما