فعلا ليلاحظ أو ليقرر أن المقابلة بين نص القرآن والمعطيات الحديثة للعلم، تجعلنا نبهر لتحديدات القرآن الدقيقة، التي لا يمكن أن تصدر عن إنسان عاش منذ أربعة عشر قرنا! ويقول:«وتناولت القرآن، منتبها بشكل خاص إلى الوصف الذي يعطيه عن حشد كبير من الظاهرات الطبيعية. لقد أذهلتني دقة بعض التفاصيل الخاصة بهذه الظاهرات، وهي تفاصيل لا يمكن أن تدرك إلا في النص الأصلي.
أذهلتني مطابقتها للمفاهيم التي نملكها اليوم عن هذه الظاهرات نفسها، والتي لم يكن ممكنا لأي إنسان في عصر محمد صلى الله عليه وسلم أن يكوّن عنها أدنى فكرة! ... إن أول ما يثير الدهشة في روح من يواجه مثل هذا النص- القرآن- أول مرة، هو ثراء الموضوعات المعالجة، فهناك الخلق، وعلم الفلك، وعرض لبعض الموضوعات الخاصة بالأرض، وعالم الحيوان، وعالم النبات. وعلى حين نجد في التوراة أخطاء علمية ضخمة لا نكتشف في القرآن أي خطأ» (١).
وعلى سبيل المثال التطبيقي لهذه النقطة، أو لهذا المنهج الذي أوضحه بوكاي، تحدث عن المعنى الفريد، الذي جاء به القرآن في الآيتين الكريمتين في قوله تعالى: يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ [سورة لقمان، الآية ٢٩].
فقال: إن العلم الحديث يجعلنا ندرك بسهولة كيف يتداخل كل من النهار والليل في حركة الأرض حول محورها وحول الشمس الثابتة نسبيا. وربط بهذا تعدد المشارق والمغارب، قال تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ [سورة المعارج، الآية ٤٠].
وقال تعالى: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (١٧)[سورة الرحمن، الآية ١٧].