للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلّمة عند علمائنا أنه لا يجوز- بوجه عام- تفسير القرآن باصطلاح حادث بعد نزوله؛ لأننا لو فعلنا ذلك لعدنا على معاني القرآن بالتحوير والتبديل، أو بالإبطال والإلغاء! فالملائكة المسوّمون الذين قاتلوا مع النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم بدر لا صلة لهم «بالجنود الذين يهبطون بواسطة الطائرات في الحروب الحالية»! والغوّاصات التي عمّ استعمالها في جميع البحار لم تكن مستعملة في عصر سليمان- عليه السلام- (١)، على خلاف من استنتج ذلك من قوله تعالى: وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (٣٧) [سورة ص، الآية ٣٧].

وقوله تعالى: وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ (٨٢) [سورة الأنبياء، الآية ٨٢] ... إلخ.

فلا تكفي كلمة «غوّاص» أو «يغوصون» في سياق الحديث عن الشياطين!! للزعم بأن الغواصات التي عرفتها الحروب الحديثة كانت معروفة في عصر سليمان- عليه السلام-! وكأن عالم الشياطين- بوصفه من عالم الغيب- لا معنى له أو لا وجود له في القرآن! وكأن عصر سليمان- على عكس ما يدل عليه التاريخ- عرف هذا التقدم العلمي والسبق في ميدان الاختراع!

وأخيرا تحسن الإشارة إلى أن من أبرز الباحثين المعاصرين الذين يسارعون إلى أخذ الآية القرآنية شاهدا على صحة «نظرية» من النظريات العلمية، أو يحاولون تفسير الآية بنظرية من هذه النظريات: عبد الرزاق نوفل، الذي كتب كثيرا من الأعاجيب. ومصطفى محمود في كتابه السقيم: «القرآن محاولة لفهم عصري» والدكتور جمال الدين الفندي في كتابه «الله والكون» الذي رد فيه كثيرا من الأحاديث! ووقع في الكثير من المجاز وضروب التأويل. والله تعالى أعلم.


(١) علي فكري، مصدر سابق.

<<  <   >  >>