نشأت في عصر من العصور الإسلامية من خلال حركة المجتمع الإسلامي- الذي كان قائما في ذلك الحين- وتفاعل هذا المجتمع مع القرآن والحديث؛ مما نطلق عليه الآن مصطلح «التراث».
فإذا كنا هنا، أو في هذا التراث- على سبيل المثال- أمام مصطلحي دار الحرب ودار الإسلام، فليس معنى حديث سيد- رحمه الله- عن المجتمع الجاهلي أن نسارع إلى تخريجه على دار الحرب، وسحب أحكام هذه الدار- التي ذكرها الفقهاء- على هذا المجتمع بحجة أنه ليس دار إسلام فهو إذن دار حرب! ليس هذا ما عناه سيد- رحمه الله-، بل لعل هذا الفهم لكلامه من أسوأ ما يمكن تأويله به أو حمله عليه!.
بل لعل هذا الخطأ في الفهم والتأويل- في هذا المثال ونحوه- جزء من خطأ أكبر في التعامل مع الظلال والأخذ عنه، وهو خطأ اعتماد مفهوم المخالفة لكلام المؤلف- رحمه الله تعالى-، والذي لو طرحه القراء والدارسون في فهم كلامه- رحمه الله- لانتهت أكثر المشاكل من أذهان أصحابها والله أعلم.
على أن هذا المفهوم ذاته جزء من المشكلة الرئيسة التي ذكرناها قبل قليل، والتي تكمن في الفهم الجامد أو الراكد، والذي يتعامل مع الذهن والنظر على أرض النظريات الثابتة الملامح والسمات! في حين أن صاحب الظلال- عليه الرحمة والرضوان- كان يحاول تصوير حركة البناء في فهم حي متحرك، أو فيما أسماه- رحمه الله-: فقه الحركة، على النحو الذي صورته ودلت عليه الآية القرآنية الكريمة:* وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (١٢٢)[سورة التوبة، الآية ٩].
فقد دلت الآية الكريمة على أن الخروج إلى الجهاد هو فقه في الدين،