أو نظروا في بعض صفحات الكتاب، وحاكموا الأمر إلى ما استقر عندهم لا ما دلت عليه الآيات القرآنية بسياقها وسباقها، وموضعها من سائر أجزاء الصورة القرآنية؛ وبطريق الفهم المبتدأ أو الخضوع المباشر للآيات القرآنية بعيدا عن التعمل والتأويل!!
ونحن نقول هنا بوضوح كامل: إن آراء رجال المذاهب الكلامية ليست أصلا تفسّر في ضوئه نصوص القرآن! وليست مقرراتهم الفكرية المسبقة مقدّمات ضرورية لفهم القرآن، علما بأن هذه المقررات ليست إلا فهما مجزّأ للنص القرآني! إن الأصل عندنا لا يصير فرعا، والفرع لا ينقلب أصلا!! إن سيدا- رحمه الله- لم يذهب مذهب الخوارج في مسألة، ولا رأي المعتزلة في مسألة أخرى، ولا رأي المرجئة في مسألة ثالثة- وهؤلاء جميعا وقعوا في خطأ التجزي، وخطأ التعصب للرأي المبني عليه، وليسوا على التحقيق كفارا ولا زنادقة كما نعتقد، وندين به أمام الله سبحانه وتعالى! - ولكنه كان يدخل إلى تفسير النص القرآني الكريم، بتلك الثقافة العالية، وذلك الإحساس المرهف، وتلك التجربة العملية الناضجة في حقل إقامة أمة القرآن، وإعادة صياغة المسلم وفقا لمنهج الله مرة أخرى، .. وكان يفسر النص القرآني الكريم ويستلهمه لينطق بما يدل عليه- لا بما يريد المفسّر أن ينطقه به هو بناء على مقدماته السابقة- فإن صادف أن هذا المدلول المباشر ذهب إلى مثله مرجئ أو معتزلي- مثلا- فهذا تفسير للقرآن، أو مدلول من مدلولاته، وليس اعتزالا أو إرجاء أو غير ذلك مما يظنه بعض القراء والدارسين!! ومن العجيب حقا أن يتجاوز مفسر مثل سيد- رحمه الله- مثل ذلك المدلول المباشر لآية قرآنية، ويسلك فيه سبيل التأويل؛ خشية أن يطابق هذا المدلول رأيا مغايرا لرأي الأشعري أو الماتريدي ... كأن القوم معصومون عن الخطأ في الفهم، أو كان رأيهم هو الأصل الذي يجب أن تؤول الآيات لتطابقه ولا تخالفه! إن هذا الموقف يمثل عندنا تعصبا مقيتا لا نتردد في تجاوزه ورفضه، وإن