وقال تعالى: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥)[سورة يونس، الآية ١٥].
وإذا كانت هذه النصوص في شأن إيحاء المعاني، فإن الآيات التالية دالة على أن الوحي كان باللفظ أيضا- كما أشرنا إلى طرف من ذلك في موضوع الوحي- قال تعالى: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦)[سورة الأعلى: الآية ٨٧].
وقال عزّ من قائل: أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (٤)[سورة المزمل، الآية ٤].
والإقراء، وتحريك اللسان، والترتيل ... إنما هي من عوارض الألفاظ لا المعاني كما هو معلوم.
وقد قال بعض العلماء في تفسير الآيات السابقة من سورة القيامة: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) ... الآيات؛ إن سبب نزولها أن الرسول كان إذا نزل القرآن عجل بتحريك لسانه به، أي بقراءته، حبا له، أو حتى يحفظه ولا ينساه، فنهاه الله عزّ وجلّ عن ذلك وأمره بالاستماع إلى جبريل، وطمأنه بأن عليه- سبحانه- جمعه له في صدره حتى يحفظه، وقراءته عليه حتى يعيه إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ أي قرأه الملك عليك بأمرنا فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ أي أتبع قراءته بقراءتك.
«فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه النبيّ صلى الله عليه وسلم كما قرأ»(١).
(١) صحيح البخاري ١/ ٤. قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرك شفتيه إذا-