هذه الأحداث والبشائر، وعلى سائر وعود القرآن وإيعاداته من غير خلف أو اختلاف.
ألم ينزل القرآن الكريم يقول في شأن أبي لهب: سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ فبقي أبو لهب على كفره فيما استقبل من فترة نزول القرآن حتى وافاه الأجل! وقد كان في وسعه سياسة أو نفاقا أن يقول إنه دخل في الإسلام فكيف يحكم عليه محمد صلى الله عليه وسلم بأنه سيبقى على كفره، وأنه سوف يرد النار يوم القيامة. أم إنه الوحي والعلم الإلهي القاطع الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟
أليس في مثل هذا الحكم على المستقبل، هنا وفي قوله تعالى في شأن الوليد بن المغيرة: سَأُصْلِيهِ سَقَرَ! ما يشير إلى أن هذا كله من شأن من بيده مفاتيح الهداية والإيمان، وأزمّة الأفئدة والعقول، جل شأنه؟
وإذا نظرنا إلى مثل هذه المواقف في ضوء مسألة (الواقع) التي أشرنا إليها في الحكمة السابقة، فهل يمكن القول: إن هذا الحكم كان استجابة للواقع؟ ومن الذي استجاب لهذا الواقع:(الوحي) أم محمد صلى الله عليه وسلم؟ أما الوحي فقد نزل بحكم الله تعالى القاطع! وأما محمد صلى الله عليه وسلم فلم يكن من وجهة نظر السياسة والواقع، أي من جهة حرصه على إيمان قومه، أو طمعه في إيمانهم أيا كانت درجة عداوتهم له ولما جاء به .. لم يكن مستعدا من هذه الوجهة، ولا من الوجهة النفسية- وقد بدأ بإعلان دعوته على جبل الصفا- أن يواجه أبا لهب بمثل هذا الموقف أو الإعلان المخيف!
ونذكّر في ختام هذه النقطة بأن جزءا كبيرا من حديثنا السابق عن (صدق ظاهرة الوحي) يمكن أن يدخل ضمن هذه الحكمة من حكم التنجيم، أو يلحق بها. والله تعالى أعلم.