للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة» (١) .. حتى إذا دنا حضور أجل النبيّ صلى الله عليه وسلم عارضه جبريل بالقرآن مرتين؛ جاء في البخاري عن عائشة- رضي الله عنها- عن فاطمة بنت النبيّ- عليها السلام- «أسرّ إليّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أن جبريل يعارضني بالقرآن كلّ سنة، وإنّه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي» (٢). وأخرج البخاري أيضا من حديث أبي هريرة قال: «كان جبريل يعرض على النبيّ القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرّتين في العام الذي قبض، وكان يعتكف كل عام عشرا، فاعتكف عشرين في العام الذي قبض» (٣).

٢ - ثم يأتي دور الصحابة الذين كانوا يتسابقون في حفظ القرآن واستظهاره، يهجرون من أجل تلاوته في الأسحار نومهم وراحتهم، حتى ليمر الشخص ببيوت الصحابة في غسق الدّجى يسمع فيه دويا كدويّ النحل بالقرآن، فكان شغفهم بالقرآن عظيما جدا؛ روى الشيخان عن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن، حين يدخلون بالليل، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل، وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار». وأقل ما يقال في هذا الشغف الهائل أنه- فيما وراء التلقي للفهم والعمل والتطبيق- من أجل قراءة القرآن في النوافل والفرائض، والتقرب إلى الله تعالى بتلاوته. إلى جانب أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يحثهم على العناية بالتنزيل، ويبعث إلى من كان منهم بعيدا من يقرئهم ويعلمهم، كما بعث مصعب بن عمير وابن أم مكتوم إلى أهل المدينة قبل هجرته- عليه السلام-، يعلّمانهم الإسلام ويقرءانهم القرآن، وكما أرسل معاذ بن جبل إلى مكة بعد الهجرة للتحفيظ والإقراء.


(١) صحيح البخاري ٦/ ١٠١ - ١٠٢.
(٢) المصدر السابق ٦/ ١٠١.
(٣) المصدر السابق ٦/ ١٠٢.

<<  <   >  >>