بسم الله الرّحمن الرّحيم إنّ الحمد لله، نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيّئات أعمالنا من يهد الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، حمل الرّسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمّة، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدّين.
وبعد: فقد سخّر ربّ العالمين بكتابه المبين، خاتمة الكتب السّماويّة سبيل حفظه، والاعتناء به، ونشره وتفسيره ونقله وتعليمه، والغوص على أسراره، والعمل بأحكامه، والتخلّق بآدابه مما لم يعهد التّاريخ لغيره مثل هذه العناية والرعاية.
وقد نمت في خدمة القرآن الكريم علوم كثيرة، واتّسعت دوحة علوم القرآن في ظلاله، فلم تدع شاردة أو واردة لها صلة بخدمته أو بيان بعض ما يتعلّق به إلّا أحاطت بها ... من وحيه وكيفيّة نزوله، وحفظه وحفّاظه، وجمعه وتدوينه، وشكله وإعجامه، ورسم كلمه، وترتيب آياته وسوره، ومعرفة مكيّه ومدنيّه، وأسباب نزوله، وما كان منه في قرّ شتاء، أو قيظ صيف، في سلم أو حرب، وليل أو نهار ... بما يدهش العقول، حتّى عدّوا حروفه، وبيّنوا قرّاءه وقراءاته، ووجوه إعجازه ... وغير هذا ممّا يطول عدّه وبيانه ...
وقد كثرت المصنّفات في علوم القرآن- قديما وحديثا- وتفاوتت مناهجها وحجومها، وتنوّعت أبحاثها، وكثرت مسائلها، وتعدّدت الأقوال فيها، حتّى بدت كالرّياض النّضرة، يجوب فيها نزيلها، فيحار بين زهورها وورودها، وجمال ألوانها.
وكان من أحدث ما اطّلعت عليه من تلك الرّياض أصول كتاب «المنار في علوم القرآن» الطّبعة الثّانية للأخ الأستاذ الدكتور محمد علي الحسن، حفظه الله فكان بعض