للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الداودي نقلا عن بعض تلاميذه: «لم أره إلّا يسمع أو يشغل أو يكتب أو ينظر في كتاب، وكان عارفا باللغة والنحو والتصريف، فهو الإمام المجتهد المطلق فيهما، خدم هذا الفن أكثر عمره، حتى صار لا يدركه أحد في أقطار الأرض.

[منهجه في تفسير البحر المحيط:]

يقع هذا التفسير في ثمان مجلدات ضخمة، ألفه احتسابا لوجه الله تعالى، كما صرح في مقدمته، ما لمخلوق بتأليفه قصدت، ولا غير وجه الله به أردت (١).

وقد قدم أبو حيان لكتابه بمقدمة قيمة صرح فيها بأن أهم المعارف علم كتاب الله، وأن غيره من العلوم أدوات له، ثم رسم لنا طريقته في تفسيره خطوة خطوة.

[عنايته باللغة والنحو:]

إن الباحث في تفسير أبي حيان يلحظ طابع الاهتمام والعناية باللغة والنحو والصرف، ولا عجب في ذلك، فإن ثقافة أبي حيان اللغوية والنحوية الواسعة التي شهد له بها العلماء، هي التي طغت على تفسيره، وجعلته مميزا بين كتب التفسير في طابعه اللغوي.

هذا بالإضافة إلى أن البحر المحيط كان آخر تآليفه، الذي عكف عليه بعد أن بلغ أوج نضجه العقلي، وذروة استعداده الفكري، عقب أن استقرت به الحال، وحلت به عصا

الترحال في مصر، وعين مدرسا للنحو والتفسير في قبة السلطان الملك المنصور (٢).

والشواهد على اهتمامه في النحو أكثر من أن تحصى، ففي تفسير قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها [البقرة: ٢٦].

قال: واختلف على نصب البعوضة على وجوه سبعة لا نطيل عليك بذكرها.


(١) المقدمة ١/ ٢.
(٢) مقدمة تفسيره ١/ ٣.

<<  <   >  >>